تقويم إدارة المحميات الطبيعية ومدى فاعليتها في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية

Abstract

تُعد المحميات الطبيعية أداة ضرورية للحفاظ على التنوع البيولوجي؛ حيث تُمثل حجر الزاوية لجميع إستراتيجيات الحفظ الوطنية والدولية وتساهم بشكل كبير في الحفاظ على النظم البيئية الطبيعية، فضلًا عن أنها تعمل بمنزلة ملاجئ للكائنات الحية، وتلعب دورًا رئيسًا في الحفاظ على العمليات البيئية، كما تمثل مرجعًا على أساسه يتم فهم التدخلات البشرية مع الطبيعة، بالإضافة إلى أنها الأمل الوحيد لوقف انقراض العديد من الكائنات الحية المهددة بالانقراض، وبالتالي المساهمة في تحقيق التوازن البيئي، والتنمية المستدامة تباعًا. كما تعد المحميات الطبيعية أحد الأدوات الرئيسة المُكملة للتدابير الرامية إلى تحقيق أهداف الحفظ والاستعمال المستدام لعناصر التنوع البيولوجي خارجها، ويحتوي العديد منها على سمات رئيسة لتاريخ الأرض، بينما يوثق بعضها التفاعل الدقيق بين النشاط البشري والطبيعة. وقد لجأ العالم إلى إنشاء المحميات الطبيعية؛ للحفاظ على الموارد الطبيعية ومكونات التنوع البيولوجي الذي بات الحفاظ عليه أمرًا حتميًا، وارتبط بشكلٍ مصيري ببقاء الحياة البشرية وضمان رفاهيتها؛ لما يشمله من أنواع نباتية وحيوانية وأصول وراثية، فضلًا عن الخدمات والمنافع الأخرى التي يقدمها، متمثلة في الإمداد بالغذاء والوقود، كما تلعب تلك المحميات دورًا مهمًا في تخفيف حدة الكوارث البيئية، والمساهمة في الإبقاء على الموارد الجينية، وقد حثت بعض الاتفاقيات الدولية ومن أهمها اتفاقية التنوع البيولوجي لعام 1992م؛ قيام الدول الأطراف بإنشاء المحميات الطبيعية، كما أرست مبادئ لانتقاء تلك المحميات، ووضعت بعض السياسات الخاصة بإدارتها. وتشير معظم التعريفات المستخدمة على المستوى الوطني إلى أن المحمية الطبيعية عبارة عن مساحة من الأرض أو المياه الساحلية أو الداخلية محددة جغرافيًا بوضوح، وتتميز بما تضمه من كائنات حية؛ نباتات أو حيوانات أو أسماك أو ظواهر طبيعية ذات قيمة ثقافية أو علمية أو سياحية أو جمالية. بينما تشير التعريفات الدولية ومن بينها تعريف الاتحاد الدولي لصون الطبيعي (IUCN) على أن المحمية الطبيعية "هي أي منطقة فضاء محددة جغرافيًا بوضوح، ومعترف بها ومخصصة، ومدارة من خلال وسائل قانونية أو غيرها من الوسائل الفعالة الأخرى، بهدف الصون والحفاظ على الطبيعة على المدى الطويل، وما يرتبط بها من خدمات للنظم البيئية والقيم الثقافية". وبالرغم من الأهمية البيئية للمحميات الطبيعية إلا أنها تحظى بأهمية اقتصادية واجتماعية فائقة؛ حيث تعتبر أحد آليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية؛ لما توفره من فرص عمل، ولما تتمتع به من مناظر طبيعية خلابة جعلتها أحد أهم مظاهر الجذب السياحي على المستويين المحلي والعالمي، وبالتالي تُعد المحميات الطبيعية أحد مصادر الدخل القومي؛ نظرًا لما تقدمه من خدمات ومنافع بيئية واقتصادية واجتماعية، الأمر الذي يجعلها أحد أهم ركائز الاقتصاد القومي، وأحد أهم دعائم التنمية المستدامة. ويوجد في مصر ثلاثون محمية طبيعية منتشرة عبر أنحاء الجمهورية، وتمثل مساحة هذه المحميات حاليًا 13.4% تقريبًا من مساحة مصر، ومن المقرر زيادة مساحتها لتصل إلى 20% تقريبًا، وفقًا لخطة الحكومة المصرية المتضمنة إعلان محميات مستقبلية، وزيادة عدد المحميات الطبيعية لتصبح 44 محمية، إلا أنه على الرغم من ذلك تواجه تلك المحميات عددًا من التحديات التي تضعف من كفاءة إداراتها، وتحد من فاعليتها في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويمكن القول بأن مشكلة تلك المحميات تتمثل في وجود العديد من التحديات التي تواجه إدارتها، وتضعف من كفاءة إدارتها، ويتم التعامل مع هذه التحديات من خلال أدوات وسياسات أقل ملاءمة، مما أدى إلى زيادة الضغوط والتهديدات التي تواجه تلك المحميات، وانخفاض كفاءة إدارتها؛ الأمر الذي أثر على فاعليتها الاقتصادية والاجتماعية. وقد هدفت الدراسة إلى التعرف على الملامح العامة للمحميات الطبيعية، وأهميتها البيئية والاقتصادية والاجتماعية، بجانب عرض الوضع الراهن وأهم المشاكل التي تواجه المحميات الطبيعية بمصر، كما قامت الدراسة على عدد من الفروض المهمة، واكتسبت أهميتها نتيجة بعض الاعتبارات البيئية والاقتصادية والاجتماعية؛ حيث تعتبر المحميات أحد دعائم التنمية المستدامة. وقد توصلت الدارسة إلى عدد من النتائج المهمة المرتبطة بالمحميات الطبيعية بمصر، من أهمها وجود تأثير جوهري للأبعاد الخاصة بإدارة المحميات الطبيعية بمصر على فاعليتها الاقتصادية والاجتماعية، مثل الضغوط والتهديدات والفجوة المعلوماتية، وكفاءة البنية التحتية، وبرامج الرصد والحماية، والبحث والمراقبة، وجودة التخطيط، والآليات القانونية، والترسيم الحالي للمحميات ومساحتها، وبرامج التمويل، وجودة الحياة الوظيفية والآليات القانونية، وكذا آليات المشاركة العامة، وطرق وأساليب ممارسة الأنشطة الاقتصادية، القيم الاقتصادية لخدمات النظم البيئية، والخدمات الأخرى التي توفرها المحميات، وعدم معلومية القيم الاقتصادية لخدمات النظم البيئية، والخدمات الأخرى بالمحميات. وقد تم مناقشة نتائج الدراسة مع بعض الأخصائيين والباحثين والخبراء بالمحميات الطبيعية؛ من أجل صياغة توصيات محددة وقابلة للتطبيق في ضوء تلك النتائج. وفي ضوء ما سبق، تم طرح عدد من التوصيات المهمة التي من شأنها تقويم إدارة تلك المحميات، وتحسين فاعليتها الاقتصادية والاجتماعية.