نحو نظريِّة عامَّة لتعويض الضرر الناتج عن الإرهاب دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والقانون الوضعي

Abstract

شكّلت الجريمة الإرهابية منذ زمن بعيد خطرًا كبيرًا على البشرية سواء داخل حدود الدولة أو خارجها، حيث أصبحت من الجرائم عابرة القارات. فالإرهاب ظاهرة عالمية تعرفها كل المجتمعات بدرجات متفاوتة وأشكال مختلفة، ويتمثل الاختلاف بين المجتمعات في الأسباب الحقيقية، وفى مدى وجود آليّات وأساليب فعّالة للتعامل مع هذه الظاهرة والحد من مخاطرها. وممارسة الإرهاب بشكل منهجيّ ومُنظّم قد ظهر في القرن الخامس عشر الميلادي( )، حينما قامت الدول الأوربيّة باستعمار الشعوب خارج القارة الأوربيّة، حيث إرتكب الأسبان والبرتغاليون أبشع الجرائم الإرهابية بحق الشعوب الواقعة تحت الاستعمار( )، وتبعهم في ذلك الهولنديون والبريطانيون( )، وهو ما عُرف بالاستعمار الاستيطاني، وكانت الدول الاستعمارية تنكر دائمًا على شعوب البلاد المستعمرة الحق في مقاومة العنف الذي يُمارس ضدهم، و تنكر حقهم في تقرير المصير. ولقد شهد العالم منذ أواخر التسعينات من القرن العشرين وحتى اليوم تصاعدًا في نمط العنف الذي أخذ يُعرف بالإرهاب، الذي راح ضحيته آلاف القتلى والجرحى، وتسبب في خسائر مادية جسيمة، وذلك بتدمير الممتلكات وتخريب المرافق. ولا شك أنّ الجرائم الإرهابية في العصر الحديث قد أثّرت على مجريات الأحداث في العالم، فالهجمات الإرهابية التي ضربت المنشآت الاستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية في الحادي عشر من سبتمبر 2001م( )، قد نجم عنها تطورات أثرت على مجمل النظام العالمي، حيث قامت الولايات المتحدة الأمريكية بالضغط على الدول لِسَنِّ تشريعات تُجرّم الأعمال الإرهابية وفقا لتوصيفها وما يحقق مصالحها. وبات الإرهاب يؤرق دول العالم جميعًا، ويشكل خطرًا داهمًا على المجتمعات البشرية وانتهاكا لحقوق الإنسان، كالحق في الحياة والحق في الأمن والحق في سلامة الجسد. وستظل ظاهرة الإرهاب من التحديات المفروضة على واقعنا المعاصر ربما لسنوات قادمة، فعالم اليوم مليء بالصراعات التى تهدد استقراره، كما أنه يمر بمراحل إنتقالية متتالية تسود أغلب دول العالم ـ إن لم يكن كلها ـ بدرجات متفاوتة، سواء كانت كبيرة أم صغيرة، وهذه المراحل تكون مصحوبة عادة باضطرابات وعوامل كثيرة مهددة للاستقرار خاصة. ومما يزيد من وجود مظاهر الإرهاب ما نشاهده من إعادة تشكيل وصياغة نظام عالمي جديد، وفى هذا المناخ تزيد توقعات سيادة الفوضى الخلّاقة والتوتر والعنف والتي قد تنمو معها ظاهرة الإرهاب.