دور المجني عليه في الخصومة الجنائية (دراسة مقارنة)

Abstract

إن الجريمة ظاهرة اجتماعية, لا يكاد يخلو منها أي مجتمع إنساني, وهي تتنوع من حيث طبيعتها وأشكالها وأنواعها, ومن حيث الأساليب المستخدمة في محاربتها, وتختلف من مجتمع إلى آخر, ومن زمن إلى آخر, حسب الظروف والأوضاع المحيطة بالمجتمع, وتختلف الفئات الاجتماعية الواقعة في شبكة الإجرام من مكان لآخر متأثرة بعوامل متعددة, منها الخاصة بالإنسان نفسه كالسن والجنس والتعليم, ومنها ما هو مرتبط بالحالة الاقتصادية, ومنها ما هو متعلق بالظروف المحيطة به ( ). وبتفصيل أكثر يمكن القول إن الجريمة في أبسط صورها هي اعتداء فرد على فرد, أو على الدولة, بدأ هذا الاعتداء على الجسم, ثم تناول المال ؛ فالجريمة حدث بين فردين - لا ترضى عنه الجماعة - أحدهما جان, والآخر مجني عليه( ). ومن الجدير بالذكر أن الدراسات والأبحاث القانونية المعاصرة اهتمت بدراسة شخصية الجاني, وظروفه الاجتماعية, وخطورته الإجرامية, وكان هو محور الدعوى الجنائية وغايتها, إلى أنه قلما أولت دراسات الأكاديمين والفقهاء اهتمامها بالمجني عليه ( ) ؛ حتى وصل الأمر إلى أن أطلق عليه الطرف المنسي في الدعوى الجنائية ( ) ؛ وهذا ما أُطلق عليه في الفقه الفرنسي حيث كان المجني عليه منسياً ( ), وقيل عنه كذلك : إنه القريب الفقير للسياسة الجنائية ( ). ولا بد من عدم إغفال أن البحث العلمي يجب ألا يبتعد عن واقع المجتمع الذي نعيش فيه ومحيطه, بل يجب أن يرتكز وينهض على عرض للمشكلات التي تجابهه, ومحاولة إيجاد حلول لهذه المشكلات, بالإضافة إلى ذلك, أن الجريمة بوقوعها يتولد عنها ضرر لأحد الأفراد ( ), سواء أكان الضرر مادياً أو جسدياً أو معنوياً ( ).