ديناميات العلاقات بالموضوع لدى عينة من الأطفال المضطربين نفسياً "دراسة فى التحليل النفسي"

Abstract

إن الحب عاطفه تتطور منذ الطفولة إلى النضج. ويعتبرها الطب النفسي مقياس الصحة والمرض ؛ فأسلوب الإنسان في الحب هو عنوان شخصيته وما ظفر به من سعادة. إن الصحة النفسية هي المقدرة على الحب الكامل الأصيل، الذي يجتمع بشقيه الشهوي والحنون إزاء شخص واحد. إن إسلوب الأم المميز في الاعتناء بالطفل، واستشعار الطفل لهذا الأسلوب في العناية، لهو واحد من أوائل – إن لم يكن أولاها – الجماليات لدى البشر. إن اللحظةَ التي تُكَوِّن فيها البيئة الذات وتُحَوِّلُها، لحظةٌ غاية في العمق. وذلك الإحساس الغريب بالمتعة - جراء الانجذاب نحو قصيدة، أو تكوين، أو لوحة، أو أي موضوع - مبني على تلك اللحظات التي تشكل فيها الأم جزئيًا عالم الطفل الداخلي. فالأم هي المصدر الذي يتلقى منه الطفل حق الحياة، وشرعية الوجود؛ فهي تضمن له وجوده الحيوي، وكذلك وجوده النفسي وتحققه. وحب الأم لطفلها يؤدي إلى حب الطفل لنفسه، والرضا عن ذاته وقبوله؛ فالعلاقة المواتية بالأم التي تقوم على المنح والمحبة هي الأساس في تكوين تمثل سليم للذات. فالكل یعلم أن الطفل یولد غیر كامل، وغیر قادر على إشباع حاجاته دون تدخل فرد یسهر على تلبیة هذه الحاجات وإشباعها. وعادة ما یكون هذا الفرد متمثلاً في الأم أو بدیلها، وهو ما یشیر إلیه «وینیكوت» بقوله إن: الأم هي التي تضمن الصحة العقلیة والنفسية للطفل في المرحلة التي تهتم فیها بالرعایة المقدمة للرضیع. فیكون حب الشخص في بدایة الطفولة مُرَكزًا على الأم، وعندما یكبر قلیلاً تتوزع دائرة ذلك الحب على الآخرین (الأب، والإخوة ...إلخ). ویبدأ الطفل بتعرّف نفسه، وهویته، وذاته عن طریق المرآة، فیلتفت إلى الأم وإلى الآخر لینتزع منهم اعترافًا؛ فالطفل یرى نفسه بأن يرى في تلك الصورة المنعكسة في المرآة (أعين الآخرين) صورته هو.

مشكلة الدراسة نمو الطفل السوي يتحدد من خلال علاقته بالمواضيع التي تتمثل في الأب والأم، فأي اختلال في هذه العلاقات سوف يؤثر في توازنه النفسي؛ وبالتالى سوف تُشَوّه ذاته، وتصبح بلا ملامح صحية تميزها عن الآخرين، فلا يقوى على بناء ذاته. فى الطفولة المبكرة تقوم كل العلاقات بالموضوع على أساس التوحد؛ فإذا كانت موضوعات الطفل تمثل له موضوعات سيئة، فإنه سوف يشعر بأنه هو نفسه سيئ؛ لذلك فالطفل الذي يولد لأبوين سيئين (يشكلان في هذه الحالة الموضوعات السيئة لدى الطفل)، فإن الطفل سرعان ما يستدخل تلك الموضوعات ويكبتها. ويمكن أن نطبق ذلك على الطفل الجانح، والعصابى، والذهانى؛ كما يمكن أن نطبقه أيضًا على الطفل السوي؛ لأنه من غير الممكن لأي شخص أن تكون طفولته خالية تمامًا من موضوعات سيئة تُستَدخَل وتُكتَسب. وهذه الموضوعات السيئة المستدخلة تتمثل فى عقولنا جميعًا، فى الطبقات العميقة منها. إن الاضطرابات النفسية لدى الأطفال تنتج عن تفكك الأنا، وأن هذه الأنا الضعيفة المتفككة تكرس نفسها للموضوع الداخلي على حساب العلاقات بالموضوعات الخارجية.