المسئولية الجنائيَّة عن الجَرَائِم الوَاقِعَةِ عَبْرَ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الاجتِمَاعِيِّ دراسة مقارنة

Abstract

تُعدُّ وسائل التواصل الاجتماعي في وقتنا الراهن من أبرز وسائل النشر الإلكتروني، بعد أنْ أتاحت للمستخدمين حيِّزًا مكانيًّا على مواقعها ينشرون عبرها ما يشاؤون وبأي وقت يشاؤون من ملفات مختلفة؛ كالكتابة والصور ومقاطع الفيديو السمعية أو السمعية البصرية والمستندات والروابط، وجعلها متاحة أمام المستخدمين الآخرين؛ مما مكَّن من قيام بعض المستخدمين سَيِّئِي النية وضعفاء النفوس بإساءة استخدامها، لتفرز نمطًا مستحدَثًا مـن الجرائم المعلوماتية؛ كالمساس بأمن الدول الداخلي أو الخارجي أو الاعتداء على الأشخاص ... إلخ؛ الأمر الذي حدا بغالبية الدول إلى إيجاد تنظيم قانوني للنشر الإلكتروني عبرها، بعد أن تباينت الاتجاهات القضائية بهذا الخصوص، وتقع المسؤولية الجنائيَّة على صاحب مقدم المحتوى المعلوماتي متى نشر على حسابه الخاص، سواء أكان مؤلِّفًا أو ناشرًا لمحتوى معلوماتي مُجرم، وتنهض في حقِّ مقدِّم خدمة التواصل الاجتماعي (حال علمه الفعلي بالمحتوى المعلوماتي غير المشروع بجانب امتناعه عن إزالته، أو حال غفليَّة الحسابات الخاصة متى نشرت محتوى معلوماتي غير مشروع). وفي إطار الإجراءات الجنائية الواجب اتباعها في الجرائم الواقعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تبيَّن أنَّها ذات خصوصية إجرائية؛ إذ إنها تمرُّ بذاتية تنفرد بها عن الإجراءات التقليدية؛ لوقوعها في بيئة إلكترونية تجعل من السهولة ضياع أو حذف الدليل الإلكتروني؛ ويطرح الطابع العالمي لتلك الجرائم إشكالية القانون الواجب التطبيق على تلك الجرائم والمحكمة المختصة بنظرها، فحرصت غالبية الدول ومن أجل مكافحتها دوليًّا على عقد الاتفاقيات الدولية المعنية بهذا الشأن.