العمل الإعلامي بين الإباحة والتجريم (دراسة مقارنة)

Abstract

يعيش العالم اليوم حضارة مادية هائلة وتقدمًا وتطورًا مذهلاً، آثر على نمط الحياة قاطبة( ). حيث شهدت البشرية في الآونة الأخيرة مرحلة جديدة من مراحل التطور العلمي والمعرفي الهائل الغير مسبوق، الذي اتسع نطاقه ليشمل كل مناحي الحياة المعاصرة، وذلك بفضل الثورة العلمية والتكنولوجية في مجال الاتصالات والمعلومات( ). ولا شك أن لهذا التقدم أثرًا على العمل الإعلامي ووسائله، فيشهد العمل الإعلامي في الوقت الراهن نقلة غير مسبوقة تمثلت في غزو الفضاء بالصوت والصورة المتنقلة إلى جميع أنحاء المعمورة في لحظة واحدة، وأمست الكرة الأرضية تشبه القرية الصغيرة التي تعيش تحت سماء مفتوحة لكل الغزوات الإعلامية والهجمات الفكرية والتيارات الثقافية، حَيِثُ توغلت الوسائل الإعلامية على مختلف أنواعها المقروءة والمسموعة والمرئية في كافة مناحي الحياة، وفي الفكر الإنساني، فأضحت مكونًا رئيسيًا لهذا الفكر( ). فقد استطاع العمل الإعلامي كاثر لهذا التطور التكنولوجي أن يغطي كل النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية والثقافية والتعليمية والحضارية والأدبية والفنية( )، التي تُشكل الملامح المميزة للمجتمع الذي رأي فيه مرآة تعكس له إيجابياته وسلبياته؛ فأصبح الإعلام شريكًا رئيسيًا في ترتيب أولويات الاهتمامات، مؤثرًا في الوقت ذاته على عملية إصدار القرارات. وكان هذا التطور التكنولوجي الهائل الذي شهده العمل الإعلامي بمثابة ثورة حقيقية في مجال المعلومات الكفيلة بتغيير شكل الحياة على الأرض، فتحول العالم من عصر الصناعة إلى عصر المعلومات والتكنولوجيا( ). وباتت فكرة غزو الأرض بالجيوش والأساطيل والطائرات مهجورة، ليحل محلها غزو العقل بالحملات الإعلامية التي تم التخطيط لها كي تحقق أهدافها