التأصيل التاريخي لتطور فكرة الخطأ كأساس للمسئولية التقصيرية "دراسة مقارنة"
سالم عادل سالم بوتلف الخالدي;
Abstract
لا غني لأي مجتمع عن القانون، فهو يهدف إلي فرض النظام في المجتمع عن طريق تنظيم علاقات الأفراد، فظهرت المسئولية المدنية التي يتسع نطاق تطبيقها ليشمل جميع أفراد المجتمع دون استثناء، فهي تطبق على اتفاقاتهم وتلك هي المسئولية العقدية، وعلى نشاطاتهم التي ليست محل اتفاق، وهذه هي المسئولية التقصيرية، وكلتا المسئوليتين تأسست كأصل عام على الخطأ، ولكن أكثرهما انتشاراً هي المسئولية التقصيرية من حيث أنها لا تتطلب لتطبيقها وجود عقد، ولهذا فإن توافرت شروطها طبقت على جميع الأفراد دون أخذ موافقتهم.
وليس لأية فكرة قانونية من قيمة إلا بقدر ما توحي به من مضامين عادلة، صحيح أن المسئولية التقصيرية وفقاً للقانون المدني لا تقوم في جميع صورها على الخطأ، لكن القاعدة العامة هي قيامها على الخطأ، بالإضافة إلي الضرر وعلاقة السببية بينهما، سواء كان الخطأ ثابتاً أم مفترضاً، في حين ينحصر نطاق المسئولية التقصيرية دون خطأ، أي اكتفاء بالضرر فقط على حالات خاصة قليلة وردت في نصوص متفرقة على سبيل الحصر، بحيث إذا لم يوجد نص يقرر مسئولية غير خطئية يتم الرجوع لحكم القاعدة العامة التي تتطلب الخطأ لقيام المسئولية التقصيرية وفقاً لنصوص المواد (163 مدني مصري)، و (227 مدني كويتي).
وترجع أهمية الخطأ في المسئولية التقصيرية إلي تعلقه بالنشاط الإنساني بشكل عام، حيث يعد الخطأ حداً فاصلاً بين ما يجوز من الأعمال والأفعال وبين ما لا يجوز، سواء أكانت أعمالاً إيجابية، أي ينبغي القيام بها، أم أعمالاً سلبية يمنع على الشخص القيام بها، وسواء عد ذلك العمل جريمة أم لا، ومن ثم فالخطأ يفصل بين الحرية الشخصية التي تعد من حقوق الإنسان، وحرية الآخرين التي يجب احترامها وعدم التعدي عليها، حتي ولو أدي ذلك إلي تقييد حرية الشخص لمنعه من الاعتداء.
وإذا كانت أهمية الخطأ على هذا النحو، فإنها تعد ضمانة للمسئولي، فهو لن يعوض المضرور إلا إذا وصف ما قام به من سلوك بأنه خطأ، ولما كان مضمون التزامه بعدم إضراره بالغير فذلك يعني أن المضرور هو الذي يقع عليه عبء إثبات الخطأ، وهو ليس بالأمر السهل على المضرور، وإن اكتفي المشرع بإثبات الركن المادي وهو التعدي.
ولم يُعرف المشرع المصري والكويتي الخطأ كركن لقيام المسئولية التقصيرية، حيث ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون المدني الكويتي عند تعليقها على المادة (227) مدني كويتي ما يلي: "ولم يشأ المشرع أن يحدد المقصود بالخطأ كركن لقيام المسئولية تاركاً أمره لاجتهاد الفكر القانوني، وذلك بهدف أن يضف عليه ما ينبغي له من مرونة وانطلاق".
وجاء أيضاً في مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري عند تعليلها لهذا الأمر ما يلي: "إن لفظ الخطأ في هذا المقام يغني عن سائر النعوت والكني التي تخطر للبعض في معرض التعبير كاصطلاح العمل غير المشروع، أو العمل المخالف للقانون، أو الفعل الذي يجرمه القانون ... الخ، وإنه يتناول الفعل السلبي إلي مجرد الإهمال والفعل العمد.
وغني عن البيان أن سرد الأعمال التي يتحقق فيها معني الخطأ في نصوص التشريع لا يكون من ورائه إلا إشكاله وجه الحكم، ولا يؤدي قط إلي وضع بيان جامع مانع، فيجب أن يترك تحديد الخطأ لتقدير القاضي، وهو يسترشد في ذلك بما يستخلص من طبيعة نهي القانون عن الإضرار من عناصر التوجيه، فثمة التزام يفرض على الكافة عدم الإضرار بالغير، ومخالفة هذا النهي التي ينطوي فيها الخطأ، ويقتضي هذه الالتزام تبصراً في التصرف يوجب عمال بذل عناية الرجل الحريص".
وهكذا نجد أن المشرع أوكل إلي القضاء مهمة الحكم على سلوك ما بأنه خطأ أو أنه لا يشكل خطأ، وهذا يتجاوز بالقضاء عن دوره المعتاد الذي ينحصر في مجرد تفسير النص حتي يسهل تطبيقه.
وليس لأية فكرة قانونية من قيمة إلا بقدر ما توحي به من مضامين عادلة، صحيح أن المسئولية التقصيرية وفقاً للقانون المدني لا تقوم في جميع صورها على الخطأ، لكن القاعدة العامة هي قيامها على الخطأ، بالإضافة إلي الضرر وعلاقة السببية بينهما، سواء كان الخطأ ثابتاً أم مفترضاً، في حين ينحصر نطاق المسئولية التقصيرية دون خطأ، أي اكتفاء بالضرر فقط على حالات خاصة قليلة وردت في نصوص متفرقة على سبيل الحصر، بحيث إذا لم يوجد نص يقرر مسئولية غير خطئية يتم الرجوع لحكم القاعدة العامة التي تتطلب الخطأ لقيام المسئولية التقصيرية وفقاً لنصوص المواد (163 مدني مصري)، و (227 مدني كويتي).
وترجع أهمية الخطأ في المسئولية التقصيرية إلي تعلقه بالنشاط الإنساني بشكل عام، حيث يعد الخطأ حداً فاصلاً بين ما يجوز من الأعمال والأفعال وبين ما لا يجوز، سواء أكانت أعمالاً إيجابية، أي ينبغي القيام بها، أم أعمالاً سلبية يمنع على الشخص القيام بها، وسواء عد ذلك العمل جريمة أم لا، ومن ثم فالخطأ يفصل بين الحرية الشخصية التي تعد من حقوق الإنسان، وحرية الآخرين التي يجب احترامها وعدم التعدي عليها، حتي ولو أدي ذلك إلي تقييد حرية الشخص لمنعه من الاعتداء.
وإذا كانت أهمية الخطأ على هذا النحو، فإنها تعد ضمانة للمسئولي، فهو لن يعوض المضرور إلا إذا وصف ما قام به من سلوك بأنه خطأ، ولما كان مضمون التزامه بعدم إضراره بالغير فذلك يعني أن المضرور هو الذي يقع عليه عبء إثبات الخطأ، وهو ليس بالأمر السهل على المضرور، وإن اكتفي المشرع بإثبات الركن المادي وهو التعدي.
ولم يُعرف المشرع المصري والكويتي الخطأ كركن لقيام المسئولية التقصيرية، حيث ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون المدني الكويتي عند تعليقها على المادة (227) مدني كويتي ما يلي: "ولم يشأ المشرع أن يحدد المقصود بالخطأ كركن لقيام المسئولية تاركاً أمره لاجتهاد الفكر القانوني، وذلك بهدف أن يضف عليه ما ينبغي له من مرونة وانطلاق".
وجاء أيضاً في مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري عند تعليلها لهذا الأمر ما يلي: "إن لفظ الخطأ في هذا المقام يغني عن سائر النعوت والكني التي تخطر للبعض في معرض التعبير كاصطلاح العمل غير المشروع، أو العمل المخالف للقانون، أو الفعل الذي يجرمه القانون ... الخ، وإنه يتناول الفعل السلبي إلي مجرد الإهمال والفعل العمد.
وغني عن البيان أن سرد الأعمال التي يتحقق فيها معني الخطأ في نصوص التشريع لا يكون من ورائه إلا إشكاله وجه الحكم، ولا يؤدي قط إلي وضع بيان جامع مانع، فيجب أن يترك تحديد الخطأ لتقدير القاضي، وهو يسترشد في ذلك بما يستخلص من طبيعة نهي القانون عن الإضرار من عناصر التوجيه، فثمة التزام يفرض على الكافة عدم الإضرار بالغير، ومخالفة هذا النهي التي ينطوي فيها الخطأ، ويقتضي هذه الالتزام تبصراً في التصرف يوجب عمال بذل عناية الرجل الحريص".
وهكذا نجد أن المشرع أوكل إلي القضاء مهمة الحكم على سلوك ما بأنه خطأ أو أنه لا يشكل خطأ، وهذا يتجاوز بالقضاء عن دوره المعتاد الذي ينحصر في مجرد تفسير النص حتي يسهل تطبيقه.
Other data
| Title | التأصيل التاريخي لتطور فكرة الخطأ كأساس للمسئولية التقصيرية "دراسة مقارنة" | Other Titles | غير متوفر | Authors | سالم عادل سالم بوتلف الخالدي | Issue Date | 2021 |
Attached Files
| File | Size | Format | |
|---|---|---|---|
| BB10835.pdf | 1.08 MB | Adobe PDF | View/Open |
Similar Items from Core Recommender Database
Items in Ain Shams Scholar are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.