تأثير أزمة الاختيار بين الاستمرار في حضانة الأم أو الانتقال إلى حضانة الأب على الشعور بقلق المستقبل ومعنى الحياة لدى عينة من المراهقين "دراسة سيكومترية كلينيكية"
نبيل محمد عبد الباري محمد;
Abstract
المقدمة :
من خلال عمل الباحث بمحاكم الأسرة وتعرضه للعديد من الدعاوى والتي من أهمها ما يتعلق بحضانة الأبناء، ومن خلال ملاحظة الباحث للأبناء أثناء تعرضهم لموقف الاختيار بين الآباء والأمهات، وما يمرون به من أزمة وصراع وألم نفسي ، فقد خلص إلى بلورة مشكلة البحث الحالي في الكشف عن تأثير أزمة الاختيار بين الاستمرار في حضانة الأم أو الانتقال إلى حضانة الأب على الشعور بقلق المستقبل ومعنى الحياة لدى هؤلاء الأبناء . ويؤكد الباحث على دور الأسرة في التنشئة والتربية السليمة للأبناء وعلى ضرورة أن ينشأ الأبناء في كنف اسر سليمة لا يوجد بها نزاع حتى يتحصل من خلالها على الحب والأمان.
وعن الرسول صلى الله عليه وسلم في حثه على أهمية المسئولية وأن الكل مسئول وسيحاسب أمام الله عز وجل يوم القيامة، في الحديث الشريف " كفى بالمرءِ إثماً أن يُضيعَ من يعوُل " ،( رواه أحمد وأبو داود)
ويؤكد هذا المعنى ويقويه ويعضده، بقوله صلى الله عليه وسلم في حديثٍ آخر " كلكم راع ومسئول عن رعيته، فالرجل في أهله راع وهو مسئول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسئولة عن رعيتها، فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته " ، (رواه البخاري ومسلم )
لذا تعد الأسرة الخلية الأولى للمجتمع ، والتي تتحمل المسئولية الكبرى والمبكرة في تدعيم القيم والسلوك لأطفالها وشبابها ، منذ ولادتهم وحتى مراحل النضج والتكامل والاستقلال الاجتماعي والاقتصادي ويجمع العلماء علي أن الأسرة هي المؤسسة الوحيدة التي تملك إمكانيات التكوين المبكر لما يعرف بالسياج الدفاعي Defensive barvier لمقاومة المغريات ومعايشة الإحباط مستقبلاً. ( سيد صبحي ، 2004: 61)
ومن المعروف أن التماسك الأسري هو أساس التماسك الاجتماعي ، إذ أن العلاقات الأسرية السليمة ، يكون حصادها اكتساب الأبناء الخصائص السلوكية المناسبة للتعامل في المجتمع بفاعلية ودون تطرف .(عبد المجيد سيد، و زكريا أحمد ،2000: 6)
ومن ثم فقد بدأ الاهتمام يتجه إلي دراسة العلاقات الأسرية غير السوية أو الشاذة قبل أن يتجه إلي دراسة العلاقات العادية ، وربما كان ذلك بسبب أن الباحثين كانوا يهتمون بالأسر المتضررة أو المضطربة ، لأنها هي التي تجذب انتباههم كما تجذب أيضا اهتمام السلطات الأمنية والاجتماعية والقضائية والصحية . وكانت هذه السلطات تطلب أحيانا من الجامعات ومراكز البحوث دراسة مثل هذه الأسر في سياق دراسة العوامل المرتبطة بالانحراف والجريمة والإدمان والسلوك الاجتماعي . (علاء الدين كقافي ، 1999: 135)
فالأسرة التي تعيش في شجار ومنازعات دائمة قد تجعل حالة القلق تعتري أبناءها نظرا للتهديد الذي يهدد كيان الأسرة أو مستقبلها . ولو أحس الطفل أنه منبوذ أو مرفوض ، أو أن الأسرة لا تعطيه مكانه المناسب ، فهو يحس بالاغتراب ، والوحدة ، ويصبح المستقبل أمامه قاتما ومظلما. (صموئيل نجيب، 1994 : 14)
وقد عني الإسلام بقضية هؤلاء الأطفال ، ووضع تشريعات تنظم رعايتهم بعد الطلاق ، بما يخفف عنهم مشاعر الإحباط والحرمان والصراع ، ويساعد الوالد الحاضن لهم على توفير الأمن والطمأنينة لهم ، وعلى تنشئتهم اجتماعياً ونفسياً في ظروف قريبة من الظروف التي ينشأ فيها الأطفال في الأسر العادية . ( كمال إبراهيم ،1995: 328)
كما وجد في دراسات أخرى أن الأطفال الذين يعيشون مع أحد الوالدين one parent family ، ينتشر بينهم الضعف في التحصيل الدراسي ، وارتفاع معدلات القلق والاكتئاب والتدخين والإدمان والجناح ، والخروج على النظام في المدرسة وسوء التوافق مع الأسرة والجيران ، ويستمر التأثير السيئ للطلاق على النمو النفسي مع أطفال الطلاق في مرحلة المراهقة . (مرجع سابق، 329)
لذا اتجهت الدراسة الحالية نحو الكشف عن تأثير أزمة الاختيار بين الاستمرار في حضانة الأم أو الانتقال إلى حضانة الأب على الشعور بقلق المستقبل ومعنى الحياة لدى عينه من المراهقين ( دارسه سيكومترية كلينيكية ).
مشكلة الدراسة وتساؤلاتها :
من خلال عمل الباحث بمحاكم الأسرة وتعرضه للعديد من الدعاوى والتي من أهمها ما يتعلق بحضانة الأبناء ،ومن خلال ملاحظة الباحث للأبناء أثناء تعرضهم لموقف الاختيار بين الآباء والأمهات وما يتعرضون له من أزمة وحيرة وصراع وألم نفسي ، مما حدا بالباحث للانطلاق بمشكلة البحث الحالي . الذي تتحدد مشكلته من خلال الإجابة على التساؤلات التالية:
1-هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات درجات عينة المراهقين ذوي أزمة الاختيار ومتوسطات درجات عينة المراهقين من العاديين على مقياس قلق المستقبل المستخدم في الدراسة؟
2-هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات درجات عينة المراهقين ذوي أزمة الاختيار ومتوسطات درجات عينة المراهقين من العاديين على مقياس معنى الحياة المستخدم في الدراسة؟
3-هل توجد علاقة ارتباطيه سالبة دالة إحصائيا بين درجات أفراد العينة من المراهقين ذوي أزمة الاختيار على مقياس قلق المستقبل ودرجات أفراد العينة على مقياس معنى الحياة؟
4-هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات درجات الجنسين ( الذكور/الإناث ) من المراهقين ذوي أزمة الاختيار على مقياس قلق المستقبل المستخدم في الدراسة؟
5-هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات درجات الجنسين ( الذكور/الإناث ) من المراهقين ذوي أزمة الاختيار على مقياس معنى الحياة المستخدم في الدراسة ؟
أهداف الدراسة :
1- تهدف الدراسة الحالية إلى الكشف عن تأثير أزمة الاختيار على الشعور بقلق المستقبل ومعنى الحياة لدى المراهقين الذين يتم تخييرهم أمام ساحات المحاكم .
2- دراسة الفروق في مستوى قلق المستقبل بين أفراد العينة من المراهقين ذوى أزمة الاختيار والمراهقين من العاديين .
3- كما تتضمن أهداف الدراسة محاولة تحديد دلالة الفروق في معنى الحياة بين أفراد العينة من المراهقين ذوى أزمة الاختيار والمراهقين من العاديين .
4- وأيضاً الكشف عن الفروق بين الجنسين ( الذكور والإناث ) من المراهقين ذوي أزمة الاختيار .
5- وتهدف الدراسة أيضا إلي معرفة الدلالات التشخيصية والتفسيرات الكلينيكية لمتغيرات الدراسة لدى بعض الحالات الطرفية المختارة من ذوي أزمة الاختيار.
أهمية الدراسة :
تأتي أهمية الدراسة من أهمية الموضوع الذي تتناوله ويمكن أن نبين ذلك من خلال الجوانب التالية :
أولاــ الأهمية النظرية :
تتمثل الأهمية النظرية للدراسة الحالية في محاولة إلقاء الضوء على مشاكل الحضانة التي يتعرض لها المراهقون بساحات المحاكم ، والتي تتأتى بنزاع الوالدين على الحضانة وتحديداً الكشف عن تأثير أزمة الاختيار على الشعور بقلق المستقبل ومعنى الحياة لدى الأبناء الذين يتم تخييرهم أمام ساحات المحاكم في حضانة من يرغبون العيش معه الأب أم الأم ، وذلك لوضع لبنة علمية جديدة ينطلق منها العديد من الباحثين لندرة الدراسات العربية في هذا المجال.
- و أيضا معرفة الفروق بين المراهقين الذين يتم تخييرهم أمام ساحات المحاكم وغيرهم من الأسر المستقرة التي ليس بها نزاع ، من حيث متغيري قلق المستقبل ومعنى الحياة ولصالح من تكون الفروق إن وجدت .
- كما تبدو أهمية البحث في تناوله مرحلة عمرية هامة في حياة الفرد ألا وهي مرحلة المراهقة و الكشف عن قلق المستقبل ومعنى الحياة لديهم وتأثير ما يتعرضون له من مشاكل على شخصية المراهق والمراهقة في المستقبل عندما يصبح أبا وأما لتقديم برامج الوقاية والعلاج في دراسات لاحقة .
ثانيا ــ الأهمية التطبيقية :
- يتمثل في القيام بدراسة كلينيكية للتعرف على الخصائص النفسية للحالات الطرفية التي يتم اختيارها من المجموعتين وذلك من خلال استخدام الاختبارات والمقاييس الموضوعية والإسقاطية التي سوف يتم إعدادها أو الاستعانة بها في هذه الدراسة ، وتوفير مزيد من المعلومات التي قد تساعد العاملين في مجال التوجيه والإرشاد الأسري في الحد من هذه المشكلات .
- الاستفادة من نتائج الدراسة الحالية في إعداد البرامج الوقائية والعلاجية للمراهقين في الأسر التي يصل فيها النزاع إلى ساحات المحاكم
فروض الدراسة :
في ضوء الإطار النظري ونتائج البحوث والدراسات السابقة التي تضمنها هذا البحث يمكن صياغة فروض الدراسة على النحو التالي :
1- توجد فروق ذات دلاله إحصائية بين متوسطات درجات أفراد العينة علي أبعاد مقياس قلق المستقبل وفقا لمتغير الخلاف الأسري (مراهقين ذوي أزمة الاختيار – مراهقين عاديين) في اتجاه المراهقين ذوي أزمة الاختيار
2- توجد فروق ذات دلاله إحصائية بين متوسطات درجات أفراد العينة علي أبعاد مقياس معني الحياة وفقا لمتغير الخلاف الأسري (مراهقين ذوي أزمة الاختيار – مراهقين عاديين) في اتجاه المراهقين العاديين.
3- توجد علاقة ارتباطيه سالبه داله إحصائيا بين درجات أفراد العينة من المراهقين ذوى أزمة الاختيار على مقياس قلق المستقبل وبين درجاتهم على مقياس معنى الحياة .
4- لا توجد فروق ذات دلاله إحصائية بين متوسطات درجات أفراد العينة علي أبعاد مقياس قلق المستقبل وفقا لمتغير النوع (ذكور – إناث) من المراهقين ذوي أزمة الاختيار .
5- لا توجد فروق ذات دلاله إحصائية بين متوسطات درجات أفراد العينة علي أبعاد مقياس معني الحياة وفقا لمتغير النوع (ذكور – إناث) من المراهقين ذوي أزمة الاختيار.
الفرض الكلينيكي :
توجد علاقة سببية كامنة بين نزاع الوالدين على الحضانة والشعور بقلق المستقبل ومعنى الحياة لدى الأبناء وما يرتبط بها من ديناميات نفسية .
حدود وإجراءات الدراسة :
أ- منهج الدراسة : تعتمد الدراسة الحالية على منهجين :
المنهج الأول : وهو المنهج الوصفي وذلك للدراسة الارتباطية لمعرفة العلاقة بين متغيرات الدراسة .
المنهج الثاني : المنهج الكلينيكي ، وذلك لقيام الباحث بإجراء دراسة كلينيكية تستهدف التعرف على الديناميات النفسية للحالات الطرفية لذوي أزمة الاختيار المتعلقة بالحضانة .
ب- عينة الدراسة :
تكونت عينة الدراسة الكلية من 60 مراهق ومراهقة، 30 مراهق ومراهقة من ذوي أزمة الاختيار الذين يقيمون بحضانة أحد الوالدين ويتم تخييرهم أمام ساحات المحاكم بشأن دعاوى الحضانة، عدد 13 من الذكور و 17 من الإناث، وأيضا 30 مراهق ومراهقة من العاديين، من الذين يقيمون في أسر سليمة، عدد 13 من الذكور و 17 من الإناث، ممن تتوافر فيهن شروط العينة، وتراوحت أعمارهن بين 15 – 18 عام، وقام الباحث بتطبيق أدوات الدراسة عليهن، ثم قام الباحث باختيار حالتين طرفيتين من عينة ذوي أزمة الاختيار وذلك لتطبيق الدراسة الكلينيكية.
ج- أدوات الدراسة :
أولاً:- أدوات الدراسة السيكومترية :
1- مقياس قلق المستقبل إعداد ( الباحث )
2- مقياس قلق المستقبل إعداد ( عاطف مسعد الحسيني ، 2008 )
3- مقياس معني الحياة إعداد (محمد عبد التواب معوض، سيد عبد العظيم محمد ، 2005).
ثانياً:- أدوات الدراسة الكلينيكية :
1- استمارة بيانات أولية إعداد ( الباحث ) .
2- استمارة دراسة الحالة ( المقابلة الكلينيكية ) إعداد ( الباحث ) .
3- اختبار تكملة الجمل الناقصة ( ساكس ) إعداد (جوزيف م. ساكس)
4- اختبار تفهم الموضوع ( T.A.T ) إعداد ( هنري موراي )
د- الأساليب الإحصائية :
1- المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية .
2- طريقة ألفا كرونباخ 3-المقارنة الطرفية
4-معامل ارتباط بيرسون 5- اختبار( ت t.test (
نتائج الدراسة :
أولاً:- نتائج الدراسة السيكومترية :
أسفرت نتائج الدراسة السيكومترية عن
1- وجود فروق دالة إحصائيا بين متوسطات درجات أفراد العينة علي أبعاد مقياس قلق المستقبل وفقا لمتغير الخلاف الأسري (مراهقين ذوي أزمة الاختيار/ مراهقين عاديين) في اتجاه المراهقين ذوي أزمة الاختيار.
2- وجود فروق دالة إحصائيا بين متوسطات درجات أفراد العينة علي أبعاد مقياس معنى الحياة فيما عدا بعد ( تحمل المسئولية ) وفقا لمتغير الخلاف الأسري (مراهقين ذوي أزمة الاختيار /مراهقين عاديين) في اتجاه المراهقين العاديين .
3- وجود علاقة ارتباطيه سالبة دالة إحصائيا بين درجات أفراد العينة من المراهقين ذوى أزمة الاختيار علي أبعاد مقياس قلق المستقبل وبين درجاتهم علي أبعاد مقياس معنى الحياة .
4- لا توجد فروق ذات دلاله إحصائية بين متوسطات درجات أفراد العينة علي أبعاد مقياس قلق المستقبل وفقا لمتغير النوع (ذكور/ إناث) من المراهقين ذوي أزمة الاختيار .
5- لا توجد فروق ذات دلاله إحصائية بين متوسطات درجات أفراد العينة علي أبعاد مقياس معني الحياة وفقا لمتغير النوع (ذكور/ إناث) من المراهقين ذوي أزمة الاختيار.
ثانياً :- نتائج الدراسة الكلينيكية :
قد أسفرت نتائج الدراسة الكلينيكية عن تحقق الفرض الكلينيكي القائل بوجود علاقة سببية كامنة بين نزاع الوالدين على الحضانة والشعور بقلق المستقبل ومعنى الحياة لدى الأبناء وما يرتبط بها من ديناميات نفسية . وهو ما كشفت عنه استجابات المفحوصين على المقابلة الكلينيكية ، واختبار تكملة الجمل ، واختبار التات عن وجود فروق في البناء النفسي وعوامل فردية وبيئية تكمن وراء ظهور قلق المستقبل وعدم وجود معنى للحياة لديهم .
من خلال عمل الباحث بمحاكم الأسرة وتعرضه للعديد من الدعاوى والتي من أهمها ما يتعلق بحضانة الأبناء، ومن خلال ملاحظة الباحث للأبناء أثناء تعرضهم لموقف الاختيار بين الآباء والأمهات، وما يمرون به من أزمة وصراع وألم نفسي ، فقد خلص إلى بلورة مشكلة البحث الحالي في الكشف عن تأثير أزمة الاختيار بين الاستمرار في حضانة الأم أو الانتقال إلى حضانة الأب على الشعور بقلق المستقبل ومعنى الحياة لدى هؤلاء الأبناء . ويؤكد الباحث على دور الأسرة في التنشئة والتربية السليمة للأبناء وعلى ضرورة أن ينشأ الأبناء في كنف اسر سليمة لا يوجد بها نزاع حتى يتحصل من خلالها على الحب والأمان.
وعن الرسول صلى الله عليه وسلم في حثه على أهمية المسئولية وأن الكل مسئول وسيحاسب أمام الله عز وجل يوم القيامة، في الحديث الشريف " كفى بالمرءِ إثماً أن يُضيعَ من يعوُل " ،( رواه أحمد وأبو داود)
ويؤكد هذا المعنى ويقويه ويعضده، بقوله صلى الله عليه وسلم في حديثٍ آخر " كلكم راع ومسئول عن رعيته، فالرجل في أهله راع وهو مسئول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسئولة عن رعيتها، فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته " ، (رواه البخاري ومسلم )
لذا تعد الأسرة الخلية الأولى للمجتمع ، والتي تتحمل المسئولية الكبرى والمبكرة في تدعيم القيم والسلوك لأطفالها وشبابها ، منذ ولادتهم وحتى مراحل النضج والتكامل والاستقلال الاجتماعي والاقتصادي ويجمع العلماء علي أن الأسرة هي المؤسسة الوحيدة التي تملك إمكانيات التكوين المبكر لما يعرف بالسياج الدفاعي Defensive barvier لمقاومة المغريات ومعايشة الإحباط مستقبلاً. ( سيد صبحي ، 2004: 61)
ومن المعروف أن التماسك الأسري هو أساس التماسك الاجتماعي ، إذ أن العلاقات الأسرية السليمة ، يكون حصادها اكتساب الأبناء الخصائص السلوكية المناسبة للتعامل في المجتمع بفاعلية ودون تطرف .(عبد المجيد سيد، و زكريا أحمد ،2000: 6)
ومن ثم فقد بدأ الاهتمام يتجه إلي دراسة العلاقات الأسرية غير السوية أو الشاذة قبل أن يتجه إلي دراسة العلاقات العادية ، وربما كان ذلك بسبب أن الباحثين كانوا يهتمون بالأسر المتضررة أو المضطربة ، لأنها هي التي تجذب انتباههم كما تجذب أيضا اهتمام السلطات الأمنية والاجتماعية والقضائية والصحية . وكانت هذه السلطات تطلب أحيانا من الجامعات ومراكز البحوث دراسة مثل هذه الأسر في سياق دراسة العوامل المرتبطة بالانحراف والجريمة والإدمان والسلوك الاجتماعي . (علاء الدين كقافي ، 1999: 135)
فالأسرة التي تعيش في شجار ومنازعات دائمة قد تجعل حالة القلق تعتري أبناءها نظرا للتهديد الذي يهدد كيان الأسرة أو مستقبلها . ولو أحس الطفل أنه منبوذ أو مرفوض ، أو أن الأسرة لا تعطيه مكانه المناسب ، فهو يحس بالاغتراب ، والوحدة ، ويصبح المستقبل أمامه قاتما ومظلما. (صموئيل نجيب، 1994 : 14)
وقد عني الإسلام بقضية هؤلاء الأطفال ، ووضع تشريعات تنظم رعايتهم بعد الطلاق ، بما يخفف عنهم مشاعر الإحباط والحرمان والصراع ، ويساعد الوالد الحاضن لهم على توفير الأمن والطمأنينة لهم ، وعلى تنشئتهم اجتماعياً ونفسياً في ظروف قريبة من الظروف التي ينشأ فيها الأطفال في الأسر العادية . ( كمال إبراهيم ،1995: 328)
كما وجد في دراسات أخرى أن الأطفال الذين يعيشون مع أحد الوالدين one parent family ، ينتشر بينهم الضعف في التحصيل الدراسي ، وارتفاع معدلات القلق والاكتئاب والتدخين والإدمان والجناح ، والخروج على النظام في المدرسة وسوء التوافق مع الأسرة والجيران ، ويستمر التأثير السيئ للطلاق على النمو النفسي مع أطفال الطلاق في مرحلة المراهقة . (مرجع سابق، 329)
لذا اتجهت الدراسة الحالية نحو الكشف عن تأثير أزمة الاختيار بين الاستمرار في حضانة الأم أو الانتقال إلى حضانة الأب على الشعور بقلق المستقبل ومعنى الحياة لدى عينه من المراهقين ( دارسه سيكومترية كلينيكية ).
مشكلة الدراسة وتساؤلاتها :
من خلال عمل الباحث بمحاكم الأسرة وتعرضه للعديد من الدعاوى والتي من أهمها ما يتعلق بحضانة الأبناء ،ومن خلال ملاحظة الباحث للأبناء أثناء تعرضهم لموقف الاختيار بين الآباء والأمهات وما يتعرضون له من أزمة وحيرة وصراع وألم نفسي ، مما حدا بالباحث للانطلاق بمشكلة البحث الحالي . الذي تتحدد مشكلته من خلال الإجابة على التساؤلات التالية:
1-هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات درجات عينة المراهقين ذوي أزمة الاختيار ومتوسطات درجات عينة المراهقين من العاديين على مقياس قلق المستقبل المستخدم في الدراسة؟
2-هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات درجات عينة المراهقين ذوي أزمة الاختيار ومتوسطات درجات عينة المراهقين من العاديين على مقياس معنى الحياة المستخدم في الدراسة؟
3-هل توجد علاقة ارتباطيه سالبة دالة إحصائيا بين درجات أفراد العينة من المراهقين ذوي أزمة الاختيار على مقياس قلق المستقبل ودرجات أفراد العينة على مقياس معنى الحياة؟
4-هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات درجات الجنسين ( الذكور/الإناث ) من المراهقين ذوي أزمة الاختيار على مقياس قلق المستقبل المستخدم في الدراسة؟
5-هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات درجات الجنسين ( الذكور/الإناث ) من المراهقين ذوي أزمة الاختيار على مقياس معنى الحياة المستخدم في الدراسة ؟
أهداف الدراسة :
1- تهدف الدراسة الحالية إلى الكشف عن تأثير أزمة الاختيار على الشعور بقلق المستقبل ومعنى الحياة لدى المراهقين الذين يتم تخييرهم أمام ساحات المحاكم .
2- دراسة الفروق في مستوى قلق المستقبل بين أفراد العينة من المراهقين ذوى أزمة الاختيار والمراهقين من العاديين .
3- كما تتضمن أهداف الدراسة محاولة تحديد دلالة الفروق في معنى الحياة بين أفراد العينة من المراهقين ذوى أزمة الاختيار والمراهقين من العاديين .
4- وأيضاً الكشف عن الفروق بين الجنسين ( الذكور والإناث ) من المراهقين ذوي أزمة الاختيار .
5- وتهدف الدراسة أيضا إلي معرفة الدلالات التشخيصية والتفسيرات الكلينيكية لمتغيرات الدراسة لدى بعض الحالات الطرفية المختارة من ذوي أزمة الاختيار.
أهمية الدراسة :
تأتي أهمية الدراسة من أهمية الموضوع الذي تتناوله ويمكن أن نبين ذلك من خلال الجوانب التالية :
أولاــ الأهمية النظرية :
تتمثل الأهمية النظرية للدراسة الحالية في محاولة إلقاء الضوء على مشاكل الحضانة التي يتعرض لها المراهقون بساحات المحاكم ، والتي تتأتى بنزاع الوالدين على الحضانة وتحديداً الكشف عن تأثير أزمة الاختيار على الشعور بقلق المستقبل ومعنى الحياة لدى الأبناء الذين يتم تخييرهم أمام ساحات المحاكم في حضانة من يرغبون العيش معه الأب أم الأم ، وذلك لوضع لبنة علمية جديدة ينطلق منها العديد من الباحثين لندرة الدراسات العربية في هذا المجال.
- و أيضا معرفة الفروق بين المراهقين الذين يتم تخييرهم أمام ساحات المحاكم وغيرهم من الأسر المستقرة التي ليس بها نزاع ، من حيث متغيري قلق المستقبل ومعنى الحياة ولصالح من تكون الفروق إن وجدت .
- كما تبدو أهمية البحث في تناوله مرحلة عمرية هامة في حياة الفرد ألا وهي مرحلة المراهقة و الكشف عن قلق المستقبل ومعنى الحياة لديهم وتأثير ما يتعرضون له من مشاكل على شخصية المراهق والمراهقة في المستقبل عندما يصبح أبا وأما لتقديم برامج الوقاية والعلاج في دراسات لاحقة .
ثانيا ــ الأهمية التطبيقية :
- يتمثل في القيام بدراسة كلينيكية للتعرف على الخصائص النفسية للحالات الطرفية التي يتم اختيارها من المجموعتين وذلك من خلال استخدام الاختبارات والمقاييس الموضوعية والإسقاطية التي سوف يتم إعدادها أو الاستعانة بها في هذه الدراسة ، وتوفير مزيد من المعلومات التي قد تساعد العاملين في مجال التوجيه والإرشاد الأسري في الحد من هذه المشكلات .
- الاستفادة من نتائج الدراسة الحالية في إعداد البرامج الوقائية والعلاجية للمراهقين في الأسر التي يصل فيها النزاع إلى ساحات المحاكم
فروض الدراسة :
في ضوء الإطار النظري ونتائج البحوث والدراسات السابقة التي تضمنها هذا البحث يمكن صياغة فروض الدراسة على النحو التالي :
1- توجد فروق ذات دلاله إحصائية بين متوسطات درجات أفراد العينة علي أبعاد مقياس قلق المستقبل وفقا لمتغير الخلاف الأسري (مراهقين ذوي أزمة الاختيار – مراهقين عاديين) في اتجاه المراهقين ذوي أزمة الاختيار
2- توجد فروق ذات دلاله إحصائية بين متوسطات درجات أفراد العينة علي أبعاد مقياس معني الحياة وفقا لمتغير الخلاف الأسري (مراهقين ذوي أزمة الاختيار – مراهقين عاديين) في اتجاه المراهقين العاديين.
3- توجد علاقة ارتباطيه سالبه داله إحصائيا بين درجات أفراد العينة من المراهقين ذوى أزمة الاختيار على مقياس قلق المستقبل وبين درجاتهم على مقياس معنى الحياة .
4- لا توجد فروق ذات دلاله إحصائية بين متوسطات درجات أفراد العينة علي أبعاد مقياس قلق المستقبل وفقا لمتغير النوع (ذكور – إناث) من المراهقين ذوي أزمة الاختيار .
5- لا توجد فروق ذات دلاله إحصائية بين متوسطات درجات أفراد العينة علي أبعاد مقياس معني الحياة وفقا لمتغير النوع (ذكور – إناث) من المراهقين ذوي أزمة الاختيار.
الفرض الكلينيكي :
توجد علاقة سببية كامنة بين نزاع الوالدين على الحضانة والشعور بقلق المستقبل ومعنى الحياة لدى الأبناء وما يرتبط بها من ديناميات نفسية .
حدود وإجراءات الدراسة :
أ- منهج الدراسة : تعتمد الدراسة الحالية على منهجين :
المنهج الأول : وهو المنهج الوصفي وذلك للدراسة الارتباطية لمعرفة العلاقة بين متغيرات الدراسة .
المنهج الثاني : المنهج الكلينيكي ، وذلك لقيام الباحث بإجراء دراسة كلينيكية تستهدف التعرف على الديناميات النفسية للحالات الطرفية لذوي أزمة الاختيار المتعلقة بالحضانة .
ب- عينة الدراسة :
تكونت عينة الدراسة الكلية من 60 مراهق ومراهقة، 30 مراهق ومراهقة من ذوي أزمة الاختيار الذين يقيمون بحضانة أحد الوالدين ويتم تخييرهم أمام ساحات المحاكم بشأن دعاوى الحضانة، عدد 13 من الذكور و 17 من الإناث، وأيضا 30 مراهق ومراهقة من العاديين، من الذين يقيمون في أسر سليمة، عدد 13 من الذكور و 17 من الإناث، ممن تتوافر فيهن شروط العينة، وتراوحت أعمارهن بين 15 – 18 عام، وقام الباحث بتطبيق أدوات الدراسة عليهن، ثم قام الباحث باختيار حالتين طرفيتين من عينة ذوي أزمة الاختيار وذلك لتطبيق الدراسة الكلينيكية.
ج- أدوات الدراسة :
أولاً:- أدوات الدراسة السيكومترية :
1- مقياس قلق المستقبل إعداد ( الباحث )
2- مقياس قلق المستقبل إعداد ( عاطف مسعد الحسيني ، 2008 )
3- مقياس معني الحياة إعداد (محمد عبد التواب معوض، سيد عبد العظيم محمد ، 2005).
ثانياً:- أدوات الدراسة الكلينيكية :
1- استمارة بيانات أولية إعداد ( الباحث ) .
2- استمارة دراسة الحالة ( المقابلة الكلينيكية ) إعداد ( الباحث ) .
3- اختبار تكملة الجمل الناقصة ( ساكس ) إعداد (جوزيف م. ساكس)
4- اختبار تفهم الموضوع ( T.A.T ) إعداد ( هنري موراي )
د- الأساليب الإحصائية :
1- المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية .
2- طريقة ألفا كرونباخ 3-المقارنة الطرفية
4-معامل ارتباط بيرسون 5- اختبار( ت t.test (
نتائج الدراسة :
أولاً:- نتائج الدراسة السيكومترية :
أسفرت نتائج الدراسة السيكومترية عن
1- وجود فروق دالة إحصائيا بين متوسطات درجات أفراد العينة علي أبعاد مقياس قلق المستقبل وفقا لمتغير الخلاف الأسري (مراهقين ذوي أزمة الاختيار/ مراهقين عاديين) في اتجاه المراهقين ذوي أزمة الاختيار.
2- وجود فروق دالة إحصائيا بين متوسطات درجات أفراد العينة علي أبعاد مقياس معنى الحياة فيما عدا بعد ( تحمل المسئولية ) وفقا لمتغير الخلاف الأسري (مراهقين ذوي أزمة الاختيار /مراهقين عاديين) في اتجاه المراهقين العاديين .
3- وجود علاقة ارتباطيه سالبة دالة إحصائيا بين درجات أفراد العينة من المراهقين ذوى أزمة الاختيار علي أبعاد مقياس قلق المستقبل وبين درجاتهم علي أبعاد مقياس معنى الحياة .
4- لا توجد فروق ذات دلاله إحصائية بين متوسطات درجات أفراد العينة علي أبعاد مقياس قلق المستقبل وفقا لمتغير النوع (ذكور/ إناث) من المراهقين ذوي أزمة الاختيار .
5- لا توجد فروق ذات دلاله إحصائية بين متوسطات درجات أفراد العينة علي أبعاد مقياس معني الحياة وفقا لمتغير النوع (ذكور/ إناث) من المراهقين ذوي أزمة الاختيار.
ثانياً :- نتائج الدراسة الكلينيكية :
قد أسفرت نتائج الدراسة الكلينيكية عن تحقق الفرض الكلينيكي القائل بوجود علاقة سببية كامنة بين نزاع الوالدين على الحضانة والشعور بقلق المستقبل ومعنى الحياة لدى الأبناء وما يرتبط بها من ديناميات نفسية . وهو ما كشفت عنه استجابات المفحوصين على المقابلة الكلينيكية ، واختبار تكملة الجمل ، واختبار التات عن وجود فروق في البناء النفسي وعوامل فردية وبيئية تكمن وراء ظهور قلق المستقبل وعدم وجود معنى للحياة لديهم .
Other data
Title | تأثير أزمة الاختيار بين الاستمرار في حضانة الأم أو الانتقال إلى حضانة الأب على الشعور بقلق المستقبل ومعنى الحياة لدى عينة من المراهقين "دراسة سيكومترية كلينيكية" | Other Titles | The effect of choice crisis to continue with sole maternal custody or shifting to sole paternal custody on future anxiety and meaning of life among a sample of adolescents (A Psychometric & clinical study) | Authors | نبيل محمد عبد الباري محمد | Issue Date | 2014 |
Recommend this item
Similar Items from Core Recommender Database
Items in Ain Shams Scholar are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.