أثر التفاعل بين بيئتي التعلم الالكترونية (التشاركية والفردية) وأسلوب التعلم علي التفكير الناقد والدافعية للانجاز والانغماس في التعلم لدي الطلاب المتفوقين دراسياً
ولاء أحمد عباس مرسي رشوان;
Abstract
شهدت العقود القليلة الماضية قفزات علمية هائلة لم تشهدها البشرية منذ فجر التاريخ، كما أكدت الإتجاهات التربوية الحديثة علي ضرورة مواكبة النظم التعليمية لمتطلبات واحتياجات العصر، ومن ثم فقد أصبحت هناك ضرورة لإدخال هذه التغييــرات المطلوبــة التــي تناســب العصــر علي العملية التعليمية، وأن يتحول التعليم من مجرد الحفظ والتلقين والتلقي السلبي من الطالب إلي نوع مغاير تماماً، وهو التعليم الإيجابي الذي يحث الطالب علي المشاركة الفعالة من أجل تكامل العملية التعليمية، فضلاً عن استخدام أساليب تكنولوجيا التعليم التي تنقل المتعلم من بيئات تعلم تقليدية إلي بيئات تعلم اكثر فاعلية.
وهنا يشير فتح الباب عبد الحليم السيد (1998، 40) إلي أن تحسين التعليم يتحقق من خلال اهتمامنا بقيمة الافراد الذين نعلمهم وأن نحترم قدرتهم علي النمو والنضج، وعلي التفكير في مستقبلهم ويقتضي ذلك شيئين، الأول: تفريد التعليم بمعني أن نتخلي عن الطرق التقليدية في التعليم التي تنظر إلي جميع الطلاب علي انهم جميعاً متساوون في القدرة علي التعلم والنمو وأن نتيح الفرص التي تسمح بمداخل مختلفة للطلاب، والثاني: أن نجعل كل طالب يفكر بنفسه ولنفسه ولا يقبل الحلول جاهزة .
ومن ثم فقد أصبح الشغل الشاغل للتربويين هو البحث عن أفضل الطرق والوسائل التي توفر بيئة تعلم تفاعلية تعمل علي جذب انتباه الطلاب وتحثهم علي تبادل الآراء والخبرات، وتعد بيئات التعلم الإلكترونية أحد هذه المداخل، حيث تعد بيئات التعلم الإلكترونية وسيلة تدعم العملية التعليمية وتحولها من الطور التقليدي إلي طور الأبداع والتفاعل وتنمية المهارات، كما انها تتيح أفضل الطرق في مجال التعليم بواسطة الكمبيوتر والانترنت والذي يتلاءم مع احتياجات الطلاب من حيث خلق بيئة تفاعلية بين الطلاب والمعلم أو بين الطلاب وبعضهم البعض وكذلك اتاحه الفرصة أمام الطلاب للتفاعل مع المحتوي التعليمي (عبد العال عبد الله السيد، 2009، 20)، ومن الدراسات التي أشارت إلي فاعلية بيئات التعلم الإلكترونية علي نواتج التعلم المختلفة: دراسة (رحاب انور محمد، 2014؛ علي علي حسن عبادي، 2014؛ ميرفت محمد عبد الرشيد، 2014؛ حمدي أحمد عبد العظيم، 2014؛ مروة عارف طلبة جاهين، 2014؛ رانيا ابراهيم أحمد، 2014).
ونظراً للحاجة إلي مسايرة التطور السريع والتسارع المعرفي الكبير فقد ظهر ما يسمي بضرورة التعلم مدي الحياة وضرورة التعلم الفعال وضرورة التعلم التشاركي (هدي الصغير، 2009)، ويشير محمد عطية خميس (2003أ، 268-269) إلي ان التعلم التشاركي بدأ الاهتمام به كمدخل وإستراتيجية تعلم منذ عشرين عاماً، وذلك لأن هذا النوع من التعلم يراعي بُعدي التعلم الذي ركزت عليه النظرية البنائية الا وهما: تحقيق الطلاب لأهدافهم الخاصة بأنفسهم، ودور التفاعلات الاجتماعية في العملية التعليمية، ومن ثم تعد بيئات التعلم الإلكترونية والانترنت أرض خصبة لنمو التعلم التشاركي وبنائه بشكل فعال، حيث انها توفر وجود النواحي الأجتماعية للتعلم التشاركي من خلال بعض الادوات المتاحة التي تتسم بالتشاركية والتي يمكن استغلالها وتوظيفها علي ضوء التعلم التشاركي، فهذا النوع من التعلم قائم علي تبادل المعلومات بين مجموعة من الطلاب الذين يشتركون معاً في صياغة المناقشات أو إعادة تنظيم المواد أو المفاهيم لبناء علاقات جديدة بينهما، من خلال تشكيل وصياغة افكار الطلاب بفكرهم وآرائهم الخاصة، وكذلك تلقي الرجع والتقويم من خلال زملائهم في الفريق.
وهذا ما أكدت عليه أماني احمد محمد (2013، 61) حيث اشارت إلي ان التعليم التشاركي يمدنا ببيئة غنية بعمليات وأنشطة تعليمية مختلفة، كما أنه بمثابة دافع إيجابي وجوهري للطلاب فى أثناء عمليات التعلم وأداة جيدة للبناء المعرفي، يسهل عمليات حل المشكلات ويروج للأنشطة والإسهامات الجماعية، هذا بالأضافة إلي انه يساعد علي بناء علاقة وطيدة بين الطلاب وبعضهم البعض، فضلاً عن ان بيئات التعلم التشاركية الإلكترونية أو المتاحة عبر الويب تمكن من المساواة بين كافة أعضاء المجموعة دون وضع حدود معرفية لأي منهم ليكونوا في حالة تحكم كامل في عمليات تعلمهم، كما انها تساعد الطلاب علي ان يكونوا اكثر إيجابية حيث لا ينحصر دورهم حول الوصول إلي المعلومة ولكن ايضاً تعطيهم الفرصة للتفاعل مع اقرانهم للأستفادة من خبراتهم السابقة حول موضوع ما للوصول إلي معلومات جديدة، والبحث عن افضل الحلول للمشكلة المنظورة وذلك من خلال ممارسة العديد من العمليات الفكرية والمعرفية كالتفكير الناقد وتبادل الأفكار ومن ثم الأجماع علي حل ما، ومن الدراسات التى أكدت على فاعلية التعلم الإلكترونى التشاركى فى تنمية الجانب المعرفى والأداء المهارى للطلاب: دراسة دعاء محمد لبيب (2007)، ودراسة "سو وآخرون" (Sue& et.al, 2010)، ودراسة "شيو وهاسو" (Chiu& Hsiao, 2010) ، بالأضافة إلي دراسة (محمد فوزى رياض، 2010؛ داليا خيرى عمر حبيشى، 2012؛ همت عطية قاسم، 2013؛ أيه طلعت محمد اسماعيل، 2014؛ سمر سمير محمد السيد المكاوى، 2015؛ مرتضى جبار عبد نصار، 2015).
ومن ناحية أخري يؤكد "مارتن" (Martin,2000,44) علي أهميـة بيئـات التعلم الإلكترونية الفردية للطلاب وذلك لأنها تشجعهم علي التعلم الفردي بما تشمله من مواد تربوية وأساليب ونظم تقديم، وتساعدهم علي تحقيق أقصي استفادة من العملية التعليمية، كما انها تخلق بيئة تربوية متكاملة تسمح للطلاب أن يمارسوا أنشطة التعلم من خلال الشبكة، كما يؤكد زكريا بن يحي لال (2011، 81) علي أن استخدام بيئات التعلم الإلكترونية ساعد علي تفريد التعلم حيث بدأت فكرة التعليم الفردي بممارسات ركزت علي مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب وتوفير فرص تربوية متكافئة لجميع الدارسين من كل الخلفيات بغض النظر عن قدراتهم أو ذكائهم أوظروف تعلمهم، كما يري البعض أن التعلم الفردي يجعل في امكان الدارس أن يتعلم في اي وقت الاشياء التي لها قيمة كبيرة بالنسبة له كفرد وفقاً لقدراته حيث يتم فيه تزويد الطالب بالطرق والأساليب المناسبة من حيث قدراته واستعدادته وإمكاناته، وفي هذا الصدد توجد العديد من الدراسات التي أشارت إلي أهمية استخدام بيئات التعلم الالكترونية الفردية في تقديم المحتوي التعليمي للطلاب ومن هذه الدراسات: دراسة ربيع أحمد عبد العظيم رمود (2001) التى توصلت نتائجها إلى فاعلية التعلم الفردي بمساعدة الكمبيوتر فى تنمية بعض قدرات التفكير الابتكارى فى زيادة التحصيل فى مادة الهندسة لدى تلاميذ الصف الأول الإعدادي، كذلك أشارت نتائج دراسة هند كامل عبد الرحمن (2007) إلي ان البرمجية التعليمية الكمبيوترية المعدة بتقنية الوسائط المتعددة حققت فاعلية وإيجابية فى اكتساب وأداء تلاميذ الصف الثالث الاعدادى لمهارات تصميم صفحة تعليمية على الشبكة الدولية للمعلومات باستخدام برنامج الفرونت ببدج المقرر عليهم.
وفى ذات الاطار قارنت مجموعة من الدراسات بين استراتيجيتى التعلم الفردى والتعلم فى مجموعات صغيرة ومنها: دراسة محمد فخرى أحمد العشرى (2007) والتي أشارت نتائجها إلي عدم وجود فروق بين التعلم الفردي والتعلم التشاركي فى التطبيق البعدى لاختبار التحصيل، اما دراسة كلاً من: (الشحات سعد عتمان، 2006؛ ياسر شعبان عبد العزيز، 2007؛ إيهاب محمد حمزة، 2011؛ عمرو محمد محمد درويش، 2012؛ داليا أحمد شوقى، 2014) فقد أشارت إلي تفوق أنشطة التعلم التشاركى بصفة عامة مقارنة بأنشطة التعلم الفردى.
وتعد ظاهرة التفوق الدراسي والمتفوقين دراسيًا من الظواهر التي يتزايد الاهتمام بها بصورة كبيرة عامًا بعد عام، حيث يستحوذ مجال التفوق الدراسي علي اهتمام عديد من المربين والآباء وعلماء النفس وذلك لأن المتفوقين دراسياً هم الثروة القومية لاي بلد وهم علماء المستقبل وهم المخترعون والقادة وركائز تقدم الامة ونهضتها، ومن ثم يؤكد عبد المطلب أمين القريطي (2005، 173) علي أن الكشف عن المتفوقين والموهوبين وتحديد مدخلاتهم السلوكية يعد بمثابة الاساس المبدئي لتحديد متطلباتهم واحتياجاتهم التعليمية والنفسية وبناء عليه يتم وضع البرامج التربوية المناسبة لهم والمشبعة لمتطلبات نموهم واحتياجاتهم الخاصة، كما أن له اهميته الفائقة في تصنيفهم لأغراض التسكين والدراسة وبحث مشكلاتهم.
وعلي الرغم من ذلك فإننا نجد ان معظم الممارسات السائدة في المدارس حالياً لا تهتم برعاية الطلاب المتفوقين الا نادراً، فلا يوجد برامج أو خطط تربويه أو تعليمية معده من قبل متخصصين لاكتشاف الموهبة وتنميتها فالاهتمام بالطلاب المتفوقين في المدارس يكاد يكون معدوماً، ولا سيما أن نظامنا التعليمي الراهن لا يعبأ الا بتنمية القدرات التحصيلية للطلاب دون النظر إلي تنمية القدرات العقلية أو الابداعية ويتمثل ذلك في مجموعة الممارسات والنظم والقوانين التي تمثل عائقاً حقيقياً لأبداعات الطلاب المتفوقين والموهوبين (طارق عبد الروؤف محمد عامر، 2009، 159)، واستناداً علي ما سبق فقد ظهرت الحاجه إلي مراعاة قدرات وإمكانات الطلاب المتفوقين دراسياً المتواجدون داخل الفصول الدراسية العادية ومراعاة أساليب وأنماط تعلمهم وذلك حتي يتمكن الطلاب من تحقيق أقصي استفادة من قدراتهم ومن العملية التعليمية.
وحين النظر إلي البحوث التي إجريت في الأونة الأخيرة فإننا نجد انها قد ركزت علي أساليب التعلم لدي الطلاب وكيفية مراعاة الفروق الفردية فيما بينهم وذلك لان أنماط تعلم الطلاب تختلف وفقاً لقدراتهم وحاجاتهم التعليمية، حيث ان الطلاب المتفوقين دراسياً تختلف أنماط تعلمهم فهناك من يفضل التعلم بشكل تشاركي وهناك من يفضل التعلم بشكل الفردي، وفي هذا الأطار فقد طور كلاً من "سيلمون وفيلدر" مقياساً لأنماط المتعلمين استناداً إلي نموذج "فيلدر وسيلفمان" وقد صنف فيه الطلاب إلي: نشطاء ومتأملون (Silverman& Felder, 1998)، وطبقاً لما اشار اليه "فيلدر" فإن الطالب النشط يفهم المعلومات الجديدة من خلال البحث عنها واختبارها، كما ان هذا النوع يستمتع ويفضل العمل الجماعي وذلك لانه يسمح له بالتشارك مع الاخرين، اما الطالب المتأمل فهو يفضل التفكير في المعلومة الجديدة أولاً قبل إتخاذ القرار ومن ثم فأنه قد يفضل التفكير في حل المشكلة بشكل فردي بدلاً من مناقشتها في مجموعات، وفى هذا الإطار أشارت نتائج دراسة "زان وآخرون" (Zhan& et.al, 2011) إلي ان كلاً من الطلاب النشطاء والمتأملون الذين تعلموا من خلال شبكة الانترنت حققوا معدلات تعلم افضل مقارنه بأقرانهم الذين تلقوا تعلمهم بالطريقة التقليدية، كما أظهرت النتائج أن الطلاب المتأملون قد حققوا معدلات تعلم افضل من الطلاب النشطاء عند التعلم بالطريقة التقليدية، اما الطلاب النشطاء فقد حققوا معدلات تعلم افضل من الطلاب المتأملون عند التعلم من خلال الإنترنت، كذلك أشارت نتائج دراسة "باتاليو" (Battalio, 2009) إلي أن الطلاب المتأملون حققوا نجاحاً أكبر من خلال التعلم عبر شبكة الإنترنت وأن الطلاب الناشطون قد حققوا معدلات تعلم أعلي من خلال التعلم التعاوني عبر شبكة الإنترنت، فضلاً عن دراسة "فرانزوني وأسار" (Franconia& Assar, 2009) التي أوصت بضرورة اجراء بحوث مستقبلية علي الطلاب النشطاء والمتأملون وقياس أثر مراعاة اساليب تعلمهم علي نواتج التعلم المختلفة وعلي مهارات التفكير لديهم.
وفي هذا السياق يعد التفكير بكل انواعه ولا سيما التفكير الناقد هو اللغة السائدة في هذا العصر، لذلك فمن الضروري إجراء العديد من الدراسات في هذا المجال، نظراً لأهمية التفكير حيث أنه يعد من أبرز الأدوات التي يستخدمها الإنسان لتساعده علي التكيف ومواجهة متطلبات الحياة، ومن هنا فقد عنيت العديد من دول العالم به وسخرت عديد من طاقتها لتنميته لدي الافراد بغية إعداهم للنجاح في مواجهة متطلبات حياتهم (عباس عبد اديي، 2001)، وقد اشارت دراسة "ميكندري" (Mckendree& et.al, 2002) إلي فوائد التفكير الناقد والتي تتمثل علي المستوي الأكاديمي وغير الأكاديمي كمكون تربوي مهم حيث ان أساليب الحياة تشتمل علي معلومات زائدة مما يعني ان الطلاب قادرين علي التفكير بشكل ناقد لمواجهة التغيرات السريعة في المجتمع، فضلاً عن وجود دراسات اخري أشارت إلي أهمية تنمية التفكير الناقد لدي الطلاب ومنها دراسة "دافي وبرونز"Burns and Duffy, 2006) )، ودراسة "باراك" (Brack, 2010).
وبالنظر إلي البيئات القائمة علي برامج الويب الاجتماعية ودورها في تنمية التفكير الناقد لدي الطلاب نجد ان النظم والبيئات القائمة عليها توفر بعض الخصائص التي تعمل علي تنمية التفكير الناقد لدي الطلاب وذلك لان التعلم في هذه البيئات يكون متمركز حول الطلاب، كما أن هذه البيئات تحفز علي التعاون والتفاعل بين الطلاب والمعلمين، وتشجعهم علي الاكتشاف والاستقصاء وحب المعرفة وتعزز مسؤليتهم وتدعم الإتجاه البنائي في العملية التعليمية وتدعم التعليم من خلال العمل، كما انها تزيد من ثقة كل طالب بنفسه وترفع من مستوي تقديره لذاته وتحمله لمسئولية تعلمه وهذا ما أشار إليه محمد حمدي أحمد (2013، 7) في دراسته، أما دراسة "جيستس" (Justus, 2005) فقد اشارت إلي فاعلية بيئات التعلم التشاركي في تنمية بعض مهارات التفكير التباعدي والتفكير الناقد وكذلك فاعليتها في تنمية إتخاذ القرار وحل المشكلات لدي الطلاب، ودراسة "جمال الدين وشون" (Jamal din& Chon, 2006) التي كشفت نتائجها عن دور منتديات المناقشة الإلكترونية غير المتزامنة فى زيادة إنغماس الطلاب فى التفكير الناقد والذي يؤدي بدوره إلي جذب إنتباه الطلاب وزيادة دافعيتهم للإنجاز.
حيث تعد الدافعية للإنجاز أحد الجوانب المهمة في نظام الدوافع الانسانية، وقد برزت في السنوات الاخيرة كأحد المعالم المميزة للدراسة والبحث في ديناميات الشخصية والسلوك، وبما أنه يوجد اتفاق عام بين علماء النفس علي أهمية ودور الدوافع في تحريك السلوك الانساني بصفة عامة، والتحصيل الدراسي والانجاز الاكاديمي بصفة خاصة، بات هناك إتجاهاً متزايداً للبحث في هذا المجال خاصة في دافعية الإنجاز لدي الطلاب (فتحي مصطفي الزيات، 2004، 130)، ومن ثم فقد تعددت الدراسات والأدبيات التي أشارت إلي أهمية تنمية دافعية الإنجاز لدي الطلاب واثرها علي نواتج التعلم المختلفة ومنها علي سبيل الذكر: دراسة (محمد سيد فرغلي، 2011؛ يحي أحمد القبالي، 2012؛ داليا أحمد شوقي كامل عطية، 2013؛ رشا اسماعيل سيد، 2013؛ حميد علي حسين العفيري، 2013).
وهنا يشير فتح الباب عبد الحليم السيد (1998، 40) إلي أن تحسين التعليم يتحقق من خلال اهتمامنا بقيمة الافراد الذين نعلمهم وأن نحترم قدرتهم علي النمو والنضج، وعلي التفكير في مستقبلهم ويقتضي ذلك شيئين، الأول: تفريد التعليم بمعني أن نتخلي عن الطرق التقليدية في التعليم التي تنظر إلي جميع الطلاب علي انهم جميعاً متساوون في القدرة علي التعلم والنمو وأن نتيح الفرص التي تسمح بمداخل مختلفة للطلاب، والثاني: أن نجعل كل طالب يفكر بنفسه ولنفسه ولا يقبل الحلول جاهزة .
ومن ثم فقد أصبح الشغل الشاغل للتربويين هو البحث عن أفضل الطرق والوسائل التي توفر بيئة تعلم تفاعلية تعمل علي جذب انتباه الطلاب وتحثهم علي تبادل الآراء والخبرات، وتعد بيئات التعلم الإلكترونية أحد هذه المداخل، حيث تعد بيئات التعلم الإلكترونية وسيلة تدعم العملية التعليمية وتحولها من الطور التقليدي إلي طور الأبداع والتفاعل وتنمية المهارات، كما انها تتيح أفضل الطرق في مجال التعليم بواسطة الكمبيوتر والانترنت والذي يتلاءم مع احتياجات الطلاب من حيث خلق بيئة تفاعلية بين الطلاب والمعلم أو بين الطلاب وبعضهم البعض وكذلك اتاحه الفرصة أمام الطلاب للتفاعل مع المحتوي التعليمي (عبد العال عبد الله السيد، 2009، 20)، ومن الدراسات التي أشارت إلي فاعلية بيئات التعلم الإلكترونية علي نواتج التعلم المختلفة: دراسة (رحاب انور محمد، 2014؛ علي علي حسن عبادي، 2014؛ ميرفت محمد عبد الرشيد، 2014؛ حمدي أحمد عبد العظيم، 2014؛ مروة عارف طلبة جاهين، 2014؛ رانيا ابراهيم أحمد، 2014).
ونظراً للحاجة إلي مسايرة التطور السريع والتسارع المعرفي الكبير فقد ظهر ما يسمي بضرورة التعلم مدي الحياة وضرورة التعلم الفعال وضرورة التعلم التشاركي (هدي الصغير، 2009)، ويشير محمد عطية خميس (2003أ، 268-269) إلي ان التعلم التشاركي بدأ الاهتمام به كمدخل وإستراتيجية تعلم منذ عشرين عاماً، وذلك لأن هذا النوع من التعلم يراعي بُعدي التعلم الذي ركزت عليه النظرية البنائية الا وهما: تحقيق الطلاب لأهدافهم الخاصة بأنفسهم، ودور التفاعلات الاجتماعية في العملية التعليمية، ومن ثم تعد بيئات التعلم الإلكترونية والانترنت أرض خصبة لنمو التعلم التشاركي وبنائه بشكل فعال، حيث انها توفر وجود النواحي الأجتماعية للتعلم التشاركي من خلال بعض الادوات المتاحة التي تتسم بالتشاركية والتي يمكن استغلالها وتوظيفها علي ضوء التعلم التشاركي، فهذا النوع من التعلم قائم علي تبادل المعلومات بين مجموعة من الطلاب الذين يشتركون معاً في صياغة المناقشات أو إعادة تنظيم المواد أو المفاهيم لبناء علاقات جديدة بينهما، من خلال تشكيل وصياغة افكار الطلاب بفكرهم وآرائهم الخاصة، وكذلك تلقي الرجع والتقويم من خلال زملائهم في الفريق.
وهذا ما أكدت عليه أماني احمد محمد (2013، 61) حيث اشارت إلي ان التعليم التشاركي يمدنا ببيئة غنية بعمليات وأنشطة تعليمية مختلفة، كما أنه بمثابة دافع إيجابي وجوهري للطلاب فى أثناء عمليات التعلم وأداة جيدة للبناء المعرفي، يسهل عمليات حل المشكلات ويروج للأنشطة والإسهامات الجماعية، هذا بالأضافة إلي انه يساعد علي بناء علاقة وطيدة بين الطلاب وبعضهم البعض، فضلاً عن ان بيئات التعلم التشاركية الإلكترونية أو المتاحة عبر الويب تمكن من المساواة بين كافة أعضاء المجموعة دون وضع حدود معرفية لأي منهم ليكونوا في حالة تحكم كامل في عمليات تعلمهم، كما انها تساعد الطلاب علي ان يكونوا اكثر إيجابية حيث لا ينحصر دورهم حول الوصول إلي المعلومة ولكن ايضاً تعطيهم الفرصة للتفاعل مع اقرانهم للأستفادة من خبراتهم السابقة حول موضوع ما للوصول إلي معلومات جديدة، والبحث عن افضل الحلول للمشكلة المنظورة وذلك من خلال ممارسة العديد من العمليات الفكرية والمعرفية كالتفكير الناقد وتبادل الأفكار ومن ثم الأجماع علي حل ما، ومن الدراسات التى أكدت على فاعلية التعلم الإلكترونى التشاركى فى تنمية الجانب المعرفى والأداء المهارى للطلاب: دراسة دعاء محمد لبيب (2007)، ودراسة "سو وآخرون" (Sue& et.al, 2010)، ودراسة "شيو وهاسو" (Chiu& Hsiao, 2010) ، بالأضافة إلي دراسة (محمد فوزى رياض، 2010؛ داليا خيرى عمر حبيشى، 2012؛ همت عطية قاسم، 2013؛ أيه طلعت محمد اسماعيل، 2014؛ سمر سمير محمد السيد المكاوى، 2015؛ مرتضى جبار عبد نصار، 2015).
ومن ناحية أخري يؤكد "مارتن" (Martin,2000,44) علي أهميـة بيئـات التعلم الإلكترونية الفردية للطلاب وذلك لأنها تشجعهم علي التعلم الفردي بما تشمله من مواد تربوية وأساليب ونظم تقديم، وتساعدهم علي تحقيق أقصي استفادة من العملية التعليمية، كما انها تخلق بيئة تربوية متكاملة تسمح للطلاب أن يمارسوا أنشطة التعلم من خلال الشبكة، كما يؤكد زكريا بن يحي لال (2011، 81) علي أن استخدام بيئات التعلم الإلكترونية ساعد علي تفريد التعلم حيث بدأت فكرة التعليم الفردي بممارسات ركزت علي مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب وتوفير فرص تربوية متكافئة لجميع الدارسين من كل الخلفيات بغض النظر عن قدراتهم أو ذكائهم أوظروف تعلمهم، كما يري البعض أن التعلم الفردي يجعل في امكان الدارس أن يتعلم في اي وقت الاشياء التي لها قيمة كبيرة بالنسبة له كفرد وفقاً لقدراته حيث يتم فيه تزويد الطالب بالطرق والأساليب المناسبة من حيث قدراته واستعدادته وإمكاناته، وفي هذا الصدد توجد العديد من الدراسات التي أشارت إلي أهمية استخدام بيئات التعلم الالكترونية الفردية في تقديم المحتوي التعليمي للطلاب ومن هذه الدراسات: دراسة ربيع أحمد عبد العظيم رمود (2001) التى توصلت نتائجها إلى فاعلية التعلم الفردي بمساعدة الكمبيوتر فى تنمية بعض قدرات التفكير الابتكارى فى زيادة التحصيل فى مادة الهندسة لدى تلاميذ الصف الأول الإعدادي، كذلك أشارت نتائج دراسة هند كامل عبد الرحمن (2007) إلي ان البرمجية التعليمية الكمبيوترية المعدة بتقنية الوسائط المتعددة حققت فاعلية وإيجابية فى اكتساب وأداء تلاميذ الصف الثالث الاعدادى لمهارات تصميم صفحة تعليمية على الشبكة الدولية للمعلومات باستخدام برنامج الفرونت ببدج المقرر عليهم.
وفى ذات الاطار قارنت مجموعة من الدراسات بين استراتيجيتى التعلم الفردى والتعلم فى مجموعات صغيرة ومنها: دراسة محمد فخرى أحمد العشرى (2007) والتي أشارت نتائجها إلي عدم وجود فروق بين التعلم الفردي والتعلم التشاركي فى التطبيق البعدى لاختبار التحصيل، اما دراسة كلاً من: (الشحات سعد عتمان، 2006؛ ياسر شعبان عبد العزيز، 2007؛ إيهاب محمد حمزة، 2011؛ عمرو محمد محمد درويش، 2012؛ داليا أحمد شوقى، 2014) فقد أشارت إلي تفوق أنشطة التعلم التشاركى بصفة عامة مقارنة بأنشطة التعلم الفردى.
وتعد ظاهرة التفوق الدراسي والمتفوقين دراسيًا من الظواهر التي يتزايد الاهتمام بها بصورة كبيرة عامًا بعد عام، حيث يستحوذ مجال التفوق الدراسي علي اهتمام عديد من المربين والآباء وعلماء النفس وذلك لأن المتفوقين دراسياً هم الثروة القومية لاي بلد وهم علماء المستقبل وهم المخترعون والقادة وركائز تقدم الامة ونهضتها، ومن ثم يؤكد عبد المطلب أمين القريطي (2005، 173) علي أن الكشف عن المتفوقين والموهوبين وتحديد مدخلاتهم السلوكية يعد بمثابة الاساس المبدئي لتحديد متطلباتهم واحتياجاتهم التعليمية والنفسية وبناء عليه يتم وضع البرامج التربوية المناسبة لهم والمشبعة لمتطلبات نموهم واحتياجاتهم الخاصة، كما أن له اهميته الفائقة في تصنيفهم لأغراض التسكين والدراسة وبحث مشكلاتهم.
وعلي الرغم من ذلك فإننا نجد ان معظم الممارسات السائدة في المدارس حالياً لا تهتم برعاية الطلاب المتفوقين الا نادراً، فلا يوجد برامج أو خطط تربويه أو تعليمية معده من قبل متخصصين لاكتشاف الموهبة وتنميتها فالاهتمام بالطلاب المتفوقين في المدارس يكاد يكون معدوماً، ولا سيما أن نظامنا التعليمي الراهن لا يعبأ الا بتنمية القدرات التحصيلية للطلاب دون النظر إلي تنمية القدرات العقلية أو الابداعية ويتمثل ذلك في مجموعة الممارسات والنظم والقوانين التي تمثل عائقاً حقيقياً لأبداعات الطلاب المتفوقين والموهوبين (طارق عبد الروؤف محمد عامر، 2009، 159)، واستناداً علي ما سبق فقد ظهرت الحاجه إلي مراعاة قدرات وإمكانات الطلاب المتفوقين دراسياً المتواجدون داخل الفصول الدراسية العادية ومراعاة أساليب وأنماط تعلمهم وذلك حتي يتمكن الطلاب من تحقيق أقصي استفادة من قدراتهم ومن العملية التعليمية.
وحين النظر إلي البحوث التي إجريت في الأونة الأخيرة فإننا نجد انها قد ركزت علي أساليب التعلم لدي الطلاب وكيفية مراعاة الفروق الفردية فيما بينهم وذلك لان أنماط تعلم الطلاب تختلف وفقاً لقدراتهم وحاجاتهم التعليمية، حيث ان الطلاب المتفوقين دراسياً تختلف أنماط تعلمهم فهناك من يفضل التعلم بشكل تشاركي وهناك من يفضل التعلم بشكل الفردي، وفي هذا الأطار فقد طور كلاً من "سيلمون وفيلدر" مقياساً لأنماط المتعلمين استناداً إلي نموذج "فيلدر وسيلفمان" وقد صنف فيه الطلاب إلي: نشطاء ومتأملون (Silverman& Felder, 1998)، وطبقاً لما اشار اليه "فيلدر" فإن الطالب النشط يفهم المعلومات الجديدة من خلال البحث عنها واختبارها، كما ان هذا النوع يستمتع ويفضل العمل الجماعي وذلك لانه يسمح له بالتشارك مع الاخرين، اما الطالب المتأمل فهو يفضل التفكير في المعلومة الجديدة أولاً قبل إتخاذ القرار ومن ثم فأنه قد يفضل التفكير في حل المشكلة بشكل فردي بدلاً من مناقشتها في مجموعات، وفى هذا الإطار أشارت نتائج دراسة "زان وآخرون" (Zhan& et.al, 2011) إلي ان كلاً من الطلاب النشطاء والمتأملون الذين تعلموا من خلال شبكة الانترنت حققوا معدلات تعلم افضل مقارنه بأقرانهم الذين تلقوا تعلمهم بالطريقة التقليدية، كما أظهرت النتائج أن الطلاب المتأملون قد حققوا معدلات تعلم افضل من الطلاب النشطاء عند التعلم بالطريقة التقليدية، اما الطلاب النشطاء فقد حققوا معدلات تعلم افضل من الطلاب المتأملون عند التعلم من خلال الإنترنت، كذلك أشارت نتائج دراسة "باتاليو" (Battalio, 2009) إلي أن الطلاب المتأملون حققوا نجاحاً أكبر من خلال التعلم عبر شبكة الإنترنت وأن الطلاب الناشطون قد حققوا معدلات تعلم أعلي من خلال التعلم التعاوني عبر شبكة الإنترنت، فضلاً عن دراسة "فرانزوني وأسار" (Franconia& Assar, 2009) التي أوصت بضرورة اجراء بحوث مستقبلية علي الطلاب النشطاء والمتأملون وقياس أثر مراعاة اساليب تعلمهم علي نواتج التعلم المختلفة وعلي مهارات التفكير لديهم.
وفي هذا السياق يعد التفكير بكل انواعه ولا سيما التفكير الناقد هو اللغة السائدة في هذا العصر، لذلك فمن الضروري إجراء العديد من الدراسات في هذا المجال، نظراً لأهمية التفكير حيث أنه يعد من أبرز الأدوات التي يستخدمها الإنسان لتساعده علي التكيف ومواجهة متطلبات الحياة، ومن هنا فقد عنيت العديد من دول العالم به وسخرت عديد من طاقتها لتنميته لدي الافراد بغية إعداهم للنجاح في مواجهة متطلبات حياتهم (عباس عبد اديي، 2001)، وقد اشارت دراسة "ميكندري" (Mckendree& et.al, 2002) إلي فوائد التفكير الناقد والتي تتمثل علي المستوي الأكاديمي وغير الأكاديمي كمكون تربوي مهم حيث ان أساليب الحياة تشتمل علي معلومات زائدة مما يعني ان الطلاب قادرين علي التفكير بشكل ناقد لمواجهة التغيرات السريعة في المجتمع، فضلاً عن وجود دراسات اخري أشارت إلي أهمية تنمية التفكير الناقد لدي الطلاب ومنها دراسة "دافي وبرونز"Burns and Duffy, 2006) )، ودراسة "باراك" (Brack, 2010).
وبالنظر إلي البيئات القائمة علي برامج الويب الاجتماعية ودورها في تنمية التفكير الناقد لدي الطلاب نجد ان النظم والبيئات القائمة عليها توفر بعض الخصائص التي تعمل علي تنمية التفكير الناقد لدي الطلاب وذلك لان التعلم في هذه البيئات يكون متمركز حول الطلاب، كما أن هذه البيئات تحفز علي التعاون والتفاعل بين الطلاب والمعلمين، وتشجعهم علي الاكتشاف والاستقصاء وحب المعرفة وتعزز مسؤليتهم وتدعم الإتجاه البنائي في العملية التعليمية وتدعم التعليم من خلال العمل، كما انها تزيد من ثقة كل طالب بنفسه وترفع من مستوي تقديره لذاته وتحمله لمسئولية تعلمه وهذا ما أشار إليه محمد حمدي أحمد (2013، 7) في دراسته، أما دراسة "جيستس" (Justus, 2005) فقد اشارت إلي فاعلية بيئات التعلم التشاركي في تنمية بعض مهارات التفكير التباعدي والتفكير الناقد وكذلك فاعليتها في تنمية إتخاذ القرار وحل المشكلات لدي الطلاب، ودراسة "جمال الدين وشون" (Jamal din& Chon, 2006) التي كشفت نتائجها عن دور منتديات المناقشة الإلكترونية غير المتزامنة فى زيادة إنغماس الطلاب فى التفكير الناقد والذي يؤدي بدوره إلي جذب إنتباه الطلاب وزيادة دافعيتهم للإنجاز.
حيث تعد الدافعية للإنجاز أحد الجوانب المهمة في نظام الدوافع الانسانية، وقد برزت في السنوات الاخيرة كأحد المعالم المميزة للدراسة والبحث في ديناميات الشخصية والسلوك، وبما أنه يوجد اتفاق عام بين علماء النفس علي أهمية ودور الدوافع في تحريك السلوك الانساني بصفة عامة، والتحصيل الدراسي والانجاز الاكاديمي بصفة خاصة، بات هناك إتجاهاً متزايداً للبحث في هذا المجال خاصة في دافعية الإنجاز لدي الطلاب (فتحي مصطفي الزيات، 2004، 130)، ومن ثم فقد تعددت الدراسات والأدبيات التي أشارت إلي أهمية تنمية دافعية الإنجاز لدي الطلاب واثرها علي نواتج التعلم المختلفة ومنها علي سبيل الذكر: دراسة (محمد سيد فرغلي، 2011؛ يحي أحمد القبالي، 2012؛ داليا أحمد شوقي كامل عطية، 2013؛ رشا اسماعيل سيد، 2013؛ حميد علي حسين العفيري، 2013).
Other data
| Title | أثر التفاعل بين بيئتي التعلم الالكترونية (التشاركية والفردية) وأسلوب التعلم علي التفكير الناقد والدافعية للانجاز والانغماس في التعلم لدي الطلاب المتفوقين دراسياً | Other Titles | The effect of the interaction between the electronic learning environments (collaborative and individual) and learning style on critical thinking and motivation to complete and Engagement in learning among outstanding students | Authors | ولاء أحمد عباس مرسي رشوان | Issue Date | 2015 |
Recommend this item
Similar Items from Core Recommender Database
Items in Ain Shams Scholar are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.