الطبيعة القانونية للعلاقة بين الجهة الإدارية و المقاول من الباطن في نطاق العقود الإدارية

Abstract

تسعى الإدارة في سبيل تسيير مرافقها العامة حفاظاً على الصالح العام، إلى إبرام العقود الإدارية، وذلك باتفاق الإدارة مع طرف آخر على تسيير مرفق عام من خلال مساهمته معها مباشرة في تسيير المرفق أو من خلال تضمين هذه العقود شروطًا غير مألوفة في نطاق القانون الخاص. ومن أهم ما أفرزته نظرية العقود الإدارية، ظاهرة المقاولة من الباطن. وحيث إن ظاهرة المقاولة من الباطن ظاهرة حديثة نسبياً، فقد كانت ولا تزال مثار خلاف في نطاق القانون بوجه عام، وفي نطاق العقود الإدارية بوجه خاص، إذ لا يكاد أن يخلو عقد إداري من وجود تعاقد من الباطن يجري بقصد تنفيذ عقد المقاولة الأصلي، خاصة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وحلول الآلة محل الإنسان، وانتشار التخصص في العمل، فقد ازدادت الحاجة إلى التعاقد من الباطن مع أخصائيين، لا سيما في مجال المشروعات الكبرى. وأصبح التعاقد من الباطن اليوم يلعب دوراً مهماً في مجال تنفيذ العقود الإدارية، وأصبح واقعاً ملموساً يستعصى على الإنكار. وقد تنوعت آراء الفقه بين مؤيد ومعارض لهذه الظاهرة، كما تناولتها أحكام القضاء الإداري المصري بشيء من الحذر، والتشدد أحياناً. كما نلحظ تفاوتًا في معالجة هذه الظاهرة بين القانون العام والقانون الخاص من جهة وبين الدول المتقدمة والنامية من جهة أخرى، حيث نلحظ بعض الاهتمام من فقه القانون الخاص بهذه الظاهرة يفوق اهتمام فقه القانون العام كما حظيت هذه الظاهرة باهتمام كبير في بعض الدول المتقدمة كفرنسا، سواء من الناحية التشريعية أو القضائية بعكس الحال في الدول النامية كمصر. ففي فرنسا يُنظر إلى عملية التعاقد من الباطن على أنها حقيقة واقعية لابد من التعامل معها، وتنظيمها بما يحقق الصالح العام، فبات التعاقد من الباطن يتم تحت إشراف الإدارة، كما أنها تفرض المتعاقد من الباطن على المتعاقد الأصلي في الكثير من الأحيان.