تطوُّر التَّبويب في مؤلَّفات القواعد النَّحوية حتى القرن العاشر الهجريّ

Abstract

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، وبعد ... فلقد ظفر النحو العربي، منذ سيبوبه (ت180هـ) - وهو صاحب أوّل مصنَّف نحوي يصل إلينا منسوبا إلى صاحبه على جهة اليقين والتثبُّت - حتى العصر الحديث، بمؤلفات لا تكاد تُحْصَى، أو يُحاط بها. وقد اختلفتْ تلك المؤلفات طبيعةً ومادّة ومنهجا، وكشفتْ – في مجملها – عمّا انطوى عليه فِكْر مصنِّفيها. هذا ويمكن التمييز في تلك التصانيف بين مجموعات تصنيفية متفاوتة، تشكّل أنماطا تأليفية متعددة، منها: المؤلفات التقعيدية، ومؤلفات المسائل النحوية، ومؤلفات الأمالي والمجالس، ومؤلفات حروف المعاني، ومؤلفات أصول النحو... إلخ. وإذا أنعمنا النظر في (المؤلفات التقعيدية) خاصّة ألفينا أصحابها لم يسلكوا سبيلا واحدة في تبويبها، ولم يتبعوا منهجا واحدا في ترتيب ما يعالجونه من أبواب النحو ومباحثه؛ فتبويب كتاب سيبويه (ت180هـ) – على سبيل المثال – يختلف أيّما اختلاف عن تبويب كتاب (الأصول في النحو)، لابن السراج (ت316هـ)، وتبويب كتابَي عبد القاهر الجرجاني (ت471هـ): (الجمل) و (العوامل المائة) يختلف عنهما، وتبويب (المفصَّل في صنعة الإعراب)، للزمخشريّ (ت538هـ) يختلف عن تبويباتها جميعا، وهكذا. وقد تباينتْ طرائق المصنّفين في تبويب المادة النحوية المعالَجَة، وترتيب أبوابها ومباحثها شِرْعةً ومنهاجًا؛ فمنهم من صَدَرَ في تبويباته عن الإعراب والبناء، ومنهم من عوَّل على المعمولات، ومنهم من احتفل بالعامل، وأدارَ عليه أبواب العربية، ومنهم من بوَّب النحو مُراعيا أقسام الكلمة الثلاثة (الاسم، والفعل، والحرف)، ومنهم من عُنِي في تبويباته بالجملة وأنماطها، ومنهم من سلك مسلكًا توفيقيّا استعان فيه بأكثر من اتجاه تبويبيّ... إلى آخر هذه المناهج التبويبية التي تشكَّلتْ على امتداد تاريخ التصنيف النحويّ. وفي هذا السياق تأتي هذه الدراسة، وعنوانها (تطوُّر التبويب في مؤلفات القواعد النحوية حتى القرن العاشر الهجريّ)؛ لتكشف عن ملمح واضح من ملامح منهجيّة التصنيف النحوي، وهو (تنظيم المادة النحوية المعالَجَة وتبويبها وترتيب مباحثها).