الحماية الدولية للآثار (العراق أنموذجاً)

عدي سفر عبدالقادر;

Abstract


تعد الممتلكات الثقافية، تعبيراً عن هوية الشعوب ، وسجلاً لما فيها ونبراساً خالداً ، يضيء خطواتها باتجاه المستقبل ، وغالبا ًما تحتل هذه الممتلكات جزءً مهماً من ذاكرة الإنسانية عموماً ، وتعد ذات أهمية كبرى لأكثر من دولة ،عندما تمثل نتاج حضارة إنسانية مشتركة لهذه الدول، كما هو الحال للممتلكات الثقافية التي ورثتها بعض الدول العربية عن الحضارات القديمة والحضارة الإسلامية والعربية، مثل الجنائن المعلقة في العراق، والأهرامات في مصر والتي تعتبر من عجائب الدنيا السبع.
ويعد العراق مهداً للحضارة الإنسانية منذ فجر التاريخ، وهذه الحقيقة يدركها كل من لديه العلم بتاريخ البشرية ، فكانت حضارة وادي الرافدين في مقدمة الروافد الرئيسية للتراث الإنساني، وأول بلد عرف الكتابة في التاريخ هو العراق، وأول حرف خط بالتاريخ هو في مدينة الوركاء.
فالحضارات السومرية والبابلية والآكدية والآشورية، كانت منابع غزيرة لنشوء وترعرع وتطور بقية حضارات العالم، لما لها من تأثير في المعتقدات والعادات والتقاليد ، وتبرز أهمية الآثار والاعتزاز بها في كافة دول العالم كونها ذات بعدين الأول: هو البعد المعنوي والروحي ، والثاني: هو البعد المادي ، فأما الأول فلابد من القول إنّ الآثار التاريخية هي مصدر لإبداع الشعوب وإنتاجه الخلاق، وهي المنبع الروحي له فحينما يجد المواطن أن بلده ذا حضارة عريقة وأصيلة وذا رسالة قدمت للبشرية الكثير من المنجزات،فإن ذلك ينعكس إيجابياً على سلوكه في المجتمع، كما إن الحفاظ على هذه الآثار يشكل أهمية خاصة في الحفاظ على التاريخ ونقل وقائعه لصورة صحيحة وصادقة دون تحريف أو تزوير .
أما البعد الثاني وهو المادي فيتجسد فيما تمثله الآثار من مصادر للدخل الوطني في مجال السياحة، فعدم الاهتمام بها وتوفير الحماية لها سيؤدي إلى إتلافها وتهريبها إلى الخارج، وبالتالي سوف لن يأتي أحد لزيارة الدولةللاطلاع على آثاره، طالما أن هذه الآثار موجودة في المتاحف العالمية وتفقد الدولة بذلك مصدراً مهماً من مصادر الدخل .
وكانت الآثار عبر التاريخ ولا تزال، هدفاً لكل الغزاة والمستعمرين، ويحتفظ التاريخ بمشاهد مؤلمة لتدمير هذه الآثار والممتلكات في الحروب النابليونية والحرب العالمية الأولى والثانية ، أما تاريخ العراق، فيذكراستهداف هذه الممتلكات غير ذي مرة منذ العراق القديم إلى يومنا هذا، والذي شهدنا فيه أثناء الاحتلال الأنجلو أمريكي للعراق على نهب وسرقة الآثار والمخطوطات والكتب النفيسة والقيمة على نحو مؤلم لم تعهده بغداد إلا في أيام احتلال المغول لها بعد نهاية الخلافة العباسية، وفي زمن النزاعات المسلحة، وفي أوقات الاحتلال حيث كانت سلطات الاحتلال تعمد إلى تخريب وسرقة ثروات الشعب المحتل الثقافية تحت ذرائع الدفاع عن النفس أو الضرورة العسكرية، وغيرها من الحجج، الأمر الذي دفع فقهاء القانون الدولي إلى الدعوى لتشريع معاهدات دولية تردع الدول عند استخدام الممتلكات الثقافية لدعم الجهد العسكري وعدم توجيه أي أفعال عسكرية تستهدفها من كل أطراف النزاع ، وبالفعل بدأت هذه الدول بعقد مثل هذه المعاهدات بشكل متواصل، وتشكيل منظمة عالمية متخصصة بهذا المجال وهي المنظمة العالمية للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) ومقرها باريس تأسست عام 1946، والتي أثمرت جهودها منذ تأسيسها وحتى الآن، إلى تشريع عدة معاهدات وعقد اتفاقيات لحماية هذه الممتلكات في فترات السلم وأثناء النزاعات المسلحة، حتى تجاوزت هذه الحماية أطراف النزاعات الدولية لتشمل النزاعات المسلحة غير الدولية مؤكدة أهمية هذه الممتلكات لكل شعوب العالم .
موضوع الدراسة وأهميتها
تمثل الآثار الرصيد الدائم من التجارب والخبرات والمواقف التي تعطي الإنسان القدرة على أن يواجه الحاضر ، ويتصور المستقبل باعتبارها من أهم مكونات الذاكرة البشرية الممتدة إلى أعمق جذور مكوناتها .
ولذلك فإن تهريب أو سرقة الآثار وسقوطها أو تدميرها، يعني انقطاع جزء من تاريخنا ومحو شيء من ذاكرتنا، لن نعوضه أبداً، فقيمة الآثار لا تقف عند متعة مشاهدة المكان فحسب ، ولكنها تعني استعادة ذاكرة التاريخ ، فإذا سقط المكان أو توارى سقط معه رموز التاريخ ، وضاعت ذاكرة الأمة ، ومن ثم تكمن أهمية موضوع حماية الآثار ، ومن هذا المعنى تبرز أهمية دراسة هذا الموضوع من الأوجه التالية :
1- موضوع هذه الدراسة بغية تحديد معالم الحماية الجنائية للآثار ، سواء على مستوى القانون الداخلي أو على مستوى القانون الدولي ، لما له من أهمية نظرية وعملية .


Other data

Title الحماية الدولية للآثار (العراق أنموذجاً)
Authors عدي سفر عبدالقادر
Issue Date 2016

Attached Files

File SizeFormat
G10752.pdf471.75 kBAdobe PDFView/Open
Recommend this item

Similar Items from Core Recommender Database

Google ScholarTM

Check

views 12 in Shams Scholar
downloads 9 in Shams Scholar


Items in Ain Shams Scholar are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.