الفكر السياسي عند المهــدي بن تومــرت دراسة تحليلية
آمال سليمان فائق محمد علي الحجازي;
Abstract
تعتبر دراسة الفكر السياسي الإسلامي والفلسفات التي قامت عليه، والنظم السياسية التي انبعثت عنه، من الصعوبة بمكان كبير، ولعل هذه الصعوبة راجعة إلى اختلاف البلدان التي دخلت في الإسلام من النواحي التاريخية والثقافية.
ولقد اتضح أن هذه الأمور تؤدي إلى اختلاف الحياة السياسية وتنوعها، وتشير كلمة السياسة في دلالتها الاصطلاحية، نظرياً وعملياً، إلى حكم الجماعة الإنسانية وإدارة شئونها، واتخاذ القرارات العامة المتعلقة بحماية وجودها وإدامة قيمها وضمان مصالحها وتحقيق أهدافها واستثمار قدراتها، وتنظيم علاقاتها وتفاعلاتها وتوجيهها في الداخل والخارج( ).
ولأن الاقتران بين السياسة والحياة الاجتماعية لا يشترط وجود نوع من الأفكار والنشاطات السياسية، مثلما لا يشترط بلوغها مستوى معيناً من التطورات، فقد عرفت المجتمعات الإنسانية صوراً متعددة بقدر ما هي متنوعة سياسياً فكرياً وتطبيقياً. فبداهة وحدة الحاجات الإنسانية لا تستتبع وحدة أشكال تلبيتها وطرق الاستجابة لها، مثلما أن بداهة التفكير الإنساني في ظواهر الحياة، لا يعني بالضرورة وحدة أساليب ذلك التفكير أو مناهجه أو نتائجه. فالاستجابات الإنسانية، الفكرية والعملية، تتناسب في طبيعتها ومستواها، تناسباً طردياً مع قدرات الإنسان العقلية وخبراته العملية وموارده المالية، وما يصل إليه من مستويات حضارية ومعرفية، وهذا ما يفسر لنا تنوع أشكال التفكير الإنساني في الظاهرة السياسية عبر التاريخ، وتعدد صور معالجتها لقضايا السلطة السياسية ومشكلاتها وتباين أساليب بحثها فيها.
ولما كان الفكر دالاً على التأمل العقلي للإنسان في ظواهر حياته، والسياسة دالة على حكم المجتمع وإدارة شئونه العامة واتخاذ القرارات المتعلقة باستثمار موارده وتنظيم تفاعلاته وعلاقاته وتوجيهها داخلياً وخارجياً، فإن الفكر السياسي يدل على التأمل العقلي للإنسان في الظاهرة السياسية المتجسدة في السلطة السياسية.
وانطلاقاً من هذا التصور فإن الفكر السياسي هو مجموعة من المبادئ والقيم السياسية التي ارتبطت بمجتمع معين، والتي قدر لها بدرجة أو بأخرى أن تتبلور في شكل منطقي متكامل، ومع درجة معينة من الدقة والتفصيل في الجزئيات أضحى الفكر السياسي مجموعة من المدركات المرتبطة بتفسير الالتزام السياسي، وما ينبع من ذلك من مشاكل وجزئيات قد يقتصر على أن يكون مجرد معاني لبعض المفاهيم والتقاليد، وقد يتكامل في شكل فلسفة كلية شاملة بفضل النبوغ الفردي أو الاستمرار المذهبي، وقد ينتهي بتفجير خلافات داخلية في شكل تيارات متناقضة ومتصارعة، قد تصل الكراهية كنتيجة لهذا التناقض إلى حد إرادة استئصال الآخر، ولكنه في جميع الأحوال، يعبر عن إطار متكامل، حيث يسمح التجرد بتخطي التناقضات ليصير تفسيرات جزئية لحقائق كلية واحدة، وحيث يمكن القول إن الفكر السياسي يصير -من حيث طبيعة الإطار الفلسفي المرتبط بالسلطة- هو المعبر عن تلك الحضارة في مزاياها وعيوبها( ).
والنظام السياسي هو مجموعة الحلول الوضعية التي واجه فيها المجتمع مشاكل حياته السياسية، وبعبارة أخرى، هو ذلك الإطار أو الهيكل من القواعد التي تحدد خصائص المجتمع السياسي كجسد متكامل، بحيث يمكن القول بأن النظام ما هو إلا تلك العلاقات التي تسمح بربط مختلف القوى، والتي منها وبها يتشكل الوجود السياسي( ).
وبدلالة هذا التأسيس كان لابد للشأن السياسي من أن يشغل العقل الإسلامي، بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وفراغ مركزه القيادي، والاحتياج إلى من يشغله من بعده.
فمنذ اللحظة الأولى لوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم اختلف المسلمون فيما بينهم حول الدولة -لا حول ضرورة وجودها - بل حول كيفية وجودها وأسلوب عملها، وحول من يتولى الخلافة ومدى السلطة التي يمكن أن تتمتع بها حيال المجتمع.
وهذا فحواه أن نظام الخلافة كنظام سياسي عرفته الحقبة الإسلامية عقب عصر النبوة، جاء كاستجابة للضرورة الاجتماعية وتلبية لمطلب المجتمع الإسلامي بوجود من يقوم بتدبير أموره وإدارة حياته وقيادته وفق أحكام الشريعة ومبادئها. وجاء ليعكس الانتقال من مرحلة إلى أخرى، وللدلالة من جهة ثانية على أن منهج الرسول صلى الله عليه وسلم وأسلوبه في إدارة شؤون المسلمين وتدبير أمورهم، مستمر من بعده في شخص خليفته. وجاء أخيراً ليشكل أداة الربط بين الخليفة كحاكم على قمة الهرم السياسي، وبين المسلمين في قاعدة ذلك الهرم، في تنوع وظيفي لإعطاء الحياة السياسية حيويتها.
ولقد اتضح أن هذه الأمور تؤدي إلى اختلاف الحياة السياسية وتنوعها، وتشير كلمة السياسة في دلالتها الاصطلاحية، نظرياً وعملياً، إلى حكم الجماعة الإنسانية وإدارة شئونها، واتخاذ القرارات العامة المتعلقة بحماية وجودها وإدامة قيمها وضمان مصالحها وتحقيق أهدافها واستثمار قدراتها، وتنظيم علاقاتها وتفاعلاتها وتوجيهها في الداخل والخارج( ).
ولأن الاقتران بين السياسة والحياة الاجتماعية لا يشترط وجود نوع من الأفكار والنشاطات السياسية، مثلما لا يشترط بلوغها مستوى معيناً من التطورات، فقد عرفت المجتمعات الإنسانية صوراً متعددة بقدر ما هي متنوعة سياسياً فكرياً وتطبيقياً. فبداهة وحدة الحاجات الإنسانية لا تستتبع وحدة أشكال تلبيتها وطرق الاستجابة لها، مثلما أن بداهة التفكير الإنساني في ظواهر الحياة، لا يعني بالضرورة وحدة أساليب ذلك التفكير أو مناهجه أو نتائجه. فالاستجابات الإنسانية، الفكرية والعملية، تتناسب في طبيعتها ومستواها، تناسباً طردياً مع قدرات الإنسان العقلية وخبراته العملية وموارده المالية، وما يصل إليه من مستويات حضارية ومعرفية، وهذا ما يفسر لنا تنوع أشكال التفكير الإنساني في الظاهرة السياسية عبر التاريخ، وتعدد صور معالجتها لقضايا السلطة السياسية ومشكلاتها وتباين أساليب بحثها فيها.
ولما كان الفكر دالاً على التأمل العقلي للإنسان في ظواهر حياته، والسياسة دالة على حكم المجتمع وإدارة شئونه العامة واتخاذ القرارات المتعلقة باستثمار موارده وتنظيم تفاعلاته وعلاقاته وتوجيهها داخلياً وخارجياً، فإن الفكر السياسي يدل على التأمل العقلي للإنسان في الظاهرة السياسية المتجسدة في السلطة السياسية.
وانطلاقاً من هذا التصور فإن الفكر السياسي هو مجموعة من المبادئ والقيم السياسية التي ارتبطت بمجتمع معين، والتي قدر لها بدرجة أو بأخرى أن تتبلور في شكل منطقي متكامل، ومع درجة معينة من الدقة والتفصيل في الجزئيات أضحى الفكر السياسي مجموعة من المدركات المرتبطة بتفسير الالتزام السياسي، وما ينبع من ذلك من مشاكل وجزئيات قد يقتصر على أن يكون مجرد معاني لبعض المفاهيم والتقاليد، وقد يتكامل في شكل فلسفة كلية شاملة بفضل النبوغ الفردي أو الاستمرار المذهبي، وقد ينتهي بتفجير خلافات داخلية في شكل تيارات متناقضة ومتصارعة، قد تصل الكراهية كنتيجة لهذا التناقض إلى حد إرادة استئصال الآخر، ولكنه في جميع الأحوال، يعبر عن إطار متكامل، حيث يسمح التجرد بتخطي التناقضات ليصير تفسيرات جزئية لحقائق كلية واحدة، وحيث يمكن القول إن الفكر السياسي يصير -من حيث طبيعة الإطار الفلسفي المرتبط بالسلطة- هو المعبر عن تلك الحضارة في مزاياها وعيوبها( ).
والنظام السياسي هو مجموعة الحلول الوضعية التي واجه فيها المجتمع مشاكل حياته السياسية، وبعبارة أخرى، هو ذلك الإطار أو الهيكل من القواعد التي تحدد خصائص المجتمع السياسي كجسد متكامل، بحيث يمكن القول بأن النظام ما هو إلا تلك العلاقات التي تسمح بربط مختلف القوى، والتي منها وبها يتشكل الوجود السياسي( ).
وبدلالة هذا التأسيس كان لابد للشأن السياسي من أن يشغل العقل الإسلامي، بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وفراغ مركزه القيادي، والاحتياج إلى من يشغله من بعده.
فمنذ اللحظة الأولى لوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم اختلف المسلمون فيما بينهم حول الدولة -لا حول ضرورة وجودها - بل حول كيفية وجودها وأسلوب عملها، وحول من يتولى الخلافة ومدى السلطة التي يمكن أن تتمتع بها حيال المجتمع.
وهذا فحواه أن نظام الخلافة كنظام سياسي عرفته الحقبة الإسلامية عقب عصر النبوة، جاء كاستجابة للضرورة الاجتماعية وتلبية لمطلب المجتمع الإسلامي بوجود من يقوم بتدبير أموره وإدارة حياته وقيادته وفق أحكام الشريعة ومبادئها. وجاء ليعكس الانتقال من مرحلة إلى أخرى، وللدلالة من جهة ثانية على أن منهج الرسول صلى الله عليه وسلم وأسلوبه في إدارة شؤون المسلمين وتدبير أمورهم، مستمر من بعده في شخص خليفته. وجاء أخيراً ليشكل أداة الربط بين الخليفة كحاكم على قمة الهرم السياسي، وبين المسلمين في قاعدة ذلك الهرم، في تنوع وظيفي لإعطاء الحياة السياسية حيويتها.
Other data
| Title | الفكر السياسي عند المهــدي بن تومــرت دراسة تحليلية | Other Titles | Political Thought Of Mehdi Ben Tumart An analytical study | Authors | آمال سليمان فائق محمد علي الحجازي | Issue Date | 2016 |
Attached Files
| File | Size | Format | |
|---|---|---|---|
| G10785.pdf | 386.32 kB | Adobe PDF | View/Open |
Similar Items from Core Recommender Database
Items in Ain Shams Scholar are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.