دور الخصيان في الدولة البيزنطية في الفترة من القرن التاسع حتى القرن الحادي عشر الميلادي

.فاطمة إسماعيل عبد الله عبدالصمد;

Abstract


لعب الخصيان دوراً مهمًا في المجتمع البيزنطي، واتضح ذلك من خلال مناقشة أدوارهم الاجتماعية والسياسية والعسكرية والدينية، ورغم ذلك تعرض تلك الأدوار للتشويه تارة والإخفاء والطمس تارة أخرى، وهو ما دفع الباحثة للتنقيب في العديد من المصادر لإظهار هذا الدور. فمن خلال دراسة نظرة المجتمع البيزنطي للخصيان يتضح أن هناك اتجاه كارهاً ومعارضاً لوجود الخصيان في المجتمع البيزنطي وهو ما ظهر واضحاً من خلال قوانين الكنيسة وآراء رجال الدين وكتابات القديسين المختلفة، والتي نظرت إليهم على أنه مصدر من مصادر الإغواء، وأداة من أداة الشيطان التي تنفذ منها الخطيئة إلى الكنيسة والحياة الرهبنة، فضلاً عن الديرية التي أغلقت أبوابها في وجوه الخصيان في كثير من الأحيان، ولم تسمح لهم بدخول بعض الأديرة، نجد أديرة أخرى اضطرت إلى الاستعانة بالخصيان، خاصة أديرة النساء وذلك لإنجاز بعض الأعمال والمهام التي يصعب على الراهبات القيام بها. وهناك اديرة أخرى وضعت بعض الشروط لقبول الخصيان. بل بنجد بعض الأديرة في القان الحادي عشر، تخصص أديرة بعينها للخصيان، مبررين ذلك بأن وجود الدير وسط العاصمة، يحتم انتقاء نوعية خاصة من الرهبان على قدر فائق من التحكم فى النفس والقدرة على كبت الشهوات، وهو أمر لا يتوافر فى الرهبان ذوياللحى بقدر توافره في الخصيان، فمن وجهة نظر أطالياتيس الذي خصص منزله كدير للخصيان أنهم أكثر فئة تستطيع بلوغ مستوى عالي من الزهد والتبتل.
وكان من الطبيعي أن يتردد صدى تلك الأفكار داخل المجتمع العلماني، باعتباره مجتمع مسيحياً، كانت الكنيسة بالنسبة له هي الحكم الرئيسي على الأخلاق العامة والخاصة. وهو ما جاء في كتابات بعض المؤرخين البيزنطيين والذين اتخذوا موقفاً متشدداً تجاه الخصيان، حيث أصبح الخصيان في نظرهم يمثلون تهديداً لأخلاقيات المجتمع البيزنطي.
ولكن عند مقارنة تلك النظرة بالواقع الفعلي داخل المجتمع نجد أن هناك تناقضاً شديداً بين الناحية النظرية وما هو واقع بالفعل، فقد اتضح عكس ذلك من خلال دورهم داخل المجتمع ففيما يخص الدور الاجتماعي فقد اتضح أنهم قاموا بدور هام داخل البلاط الإمبراطوري، فقد قاموا بخدمة الأباطرة والإشراف على الغرفة المقدسة وحراسة الإمبراطور وأسرته، فضلا عن تربية الأبناء، والإشراف على المراسم والاحتفالات المختلفة، حتى اعتلى الخصيان أعلى وأرفع المناصب، فمنذ القرن التاسع وحتى القرن الحادي عشر الميلادي أصبح كبير الحجاب يتمتع بنفوذ وصلاحيات عديدة ليس بسبب أهمية المسئوليات التي تولاها، ولكن بسبب ملازمته للإمبراطور وتملقه ومداهنته، حتى أصبح كبار موظفي الدولة يخشونه لقربه من أذن الإمبراطور وتأثيره الشخصي عليه. كذلك مسئول الخزانة الإمبراطورية، وهذه الخزانة بجانب كونها مكاناً لحفظ ملابس الإمبراطور، كانت أيضا مكاناً لحفظ الأموال والمقتنيات الثمينة وكميات كبيرة من الفضة والذهب، والهدايا التي تقدم للنبلاء والشخصيات الكبيرة في البلاط أثناء المناسبات والاحتفالات الإمبراطورية فضلاً عن الحاجات الخاصة بالإمبراطور والأدوية الخاصة به، وهما أعلى وأقرب الوظائف للإمبراطور وكان كلا منهما ينام بجانب غرفة الإمبراطور. فضلا عن فرق الحراسة الخاصة بالإمبراطور من الخصيان، ومسئول الطعام وجلب الماء وحاملي السيوف الإمبراطورية، وحراس الأبواب الذين يتحكمون في بوابات القصر، والمسئولون عن دخول أو خروج أي شخص في القصر، حتى باتت مفاتيح القصر الإمبراطوري في أيديهم.
الأمر الذي أدى إلى كراهية شديدة من جانب الطبقة الأرستقراطية للخصيان بسبب هيمنتهم على الوظائف الهامة والحيلولة بينهم وبين شخص الإمبراطور والتحكم بوجه عام في شئون القصر. بل وصلت قوة تلك الفئة إلى الوقوف في وجه الأرستقراطية العسكرية، والحيلولة دون وصولهم للسلطة، بل وصل الأمر إلى عزل وتنصيب القادة. كما كان الأباطرة في بعض الحيان يلجئون إلى استخدام الخصيان للحفاظ على عروشهم، خاصة نسوة العرش البيزنطي أمثال ايرين وزوى وتيودورا، والتي كان الخصى من وجهة نظرهم يمثل مصدراً للأمان ولتجنب انقلابات القادة. كما رأى بعض الأباطرة أنه من الأسلم إسناد قيادة الجيوش إلى أحد خصيانه المخلصين، فهو لا يخشى قائداً خصى يعود منتصر من المعركة على عكس قائد غير خصى لديه القدرة على انتزاع العرش منه. الامر الذي لم يقتصر على الأباطرة ضعيفي الشخصية فقط، بل أيضا أباطرة أقوياء أمثال نقفور فوكاس وحنا تزيمسكس وذلك لخوفهم من انقلابات القادة العسكريين.
مما مكن الخصيان من قيادة الجيش والأسطول بمهارة لا تقل عن غيرهم من القادة الغير خصيان، وحققوا للإمبراطورية الكثير من الانتصارات والبطولات، فضلا عن نجاحهم في مجال الدبلوماسية السياسة، ودحض الأفكار والصفات المتوارثة عن جبن الخصيان ونشأتهم في ربوع النساء، ورغم تلك المكانة التي حققها الخصيان إلا ان هناك البعض قد أخفق في بعض المعارك وكبد الإمبراطورية بعض الخسائر.
أما الجانب الديني فقد أثبت الخصيان قدرتهم على تحقيق قدر كبير من القداسة والإيمان، فقد تمكن بعضهم من الوصول إلى كرسي البطريركية، فضلا عن الكثير من الأساقفة ورجال الدين من القديسين الذين أثروا الحياة الدينية البيزنطية بشكل كبير.
وجملة القول ان الخصيان لعبوا دوراً سياسياً، واجتماعياً، ودينياً كبيراً في تاريخ الإمبراطورة البيزنطية.


Other data

Title دور الخصيان في الدولة البيزنطية في الفترة من القرن التاسع حتى القرن الحادي عشر الميلادي
Other Titles Role of Eunuchs In the Byzantine state from 9th Century to the end of 11th century
Authors .فاطمة إسماعيل عبد الله عبدالصمد
Issue Date 2014

Attached Files

File SizeFormat
G4975.pdf268.47 kBAdobe PDFView/Open
Recommend this item

Similar Items from Core Recommender Database

Google ScholarTM

Check

views 2 in Shams Scholar
downloads 1 in Shams Scholar


Items in Ain Shams Scholar are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.