الوسطية عند الماتريدية وابن رشد وأثرها في الفكر العربي المعاصر
ألفت حلمي أحمد سالم;
Abstract
لقد أرسل الله لنا ديناً قيماً من لدن حكيم خبير .. حكيم يقَّدر نزعات الإنسان وطموحاته الهائلة، وخبير بقدره تحمل العبد على أقداره وعلى الأمانة التي حملها.. فقد ظلم الإنسان نفسه باختياره التكليف الذي أبت السماوات والأرض والجبال أن تحمله.. ولكن حمله الإنسان .. جهلاً منه وظُلما لنفسه، ولكن الله سبحانه وتعالى أنزل له منهجاً يتسم بالوسطية والتعادل حتى ييسر له حمل تلك الأمانة فقد يظلم الإنسان نفسه ولكن مولاه لا يظلمه .. بل يدعوه لمنهج يتسم في كل جوانبه بالوسيطة فنجد الصلاة وهي عماد الدين خمسون صلاة مفروضة، ولكن بالوسطية أصبحت خمس فروض فقط، حيث لم يلغها المولى سبحانه تماماً .. وكذلك لم يفرضها خمسون ولكنها الوسطية، وكذلك الركن الثاني في الإسلام الزكاة فُرضت بقدر محدد من مال المذكيِ ولم تفرض على المذكي أن يتذكى بنصف ماله أو أكثر .. وكذلك لم يلغها من الدين سبحانه حرصاُ على العلاقة بين المؤمنين، وقد جاء الفرض بنسبة لا تؤثر على مال المذكى.. وهذا لا شك توسط في الأمر .. أما الصيام فقد فُرض شهراً واحداً من إثنى عشر شهراً فلم يفرضه سبحانه ستة أشهر على سبيل المثال .. بل إنه التوسط في الأمور والسماحة في الفروض، ومرعاة للخلق في صبرهم على المنهج، أما الحج ركن الإسلام الأعظم فقد فرض مرة واحدة في العمر .. ولمن؟؟ .. لمن استطاع إليه سبيلا .. وهذا لأن الدين ما نزل إلا للتيسير على الخلق في تطبيق منهج الله سبحانه (فضلاً عن أن البشر الذين وهبهم الله تعالى مراتب عالية ووجود في المقدمة لا يملكون أي مبرر لفرض أجواء الأفضلية على غيرهم) غير أنهم يتمتعون بالأخلاق الحسنة والاعتدال والوسطية.
وكذلك تم إظهار الوسطية في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم حيث العديد والعديد من التعاملات الوسطية المعتدلة ألم يكن أكثر دعاء النبي (اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي أخرتي التي إليها معادي، وأجعل الحياة زيادة لي في كل خير، والموت راحة لي من كل شر)( ).
أليس هذا الدعاء من النبي الكريم يحتوى مفهوم الوسطية،ثم اخترت فرقة يتسم فكرها بالوسطية والتعادل وهي الفرقة الماتريدية فنجدها في مبحث مصادر المعرفة لم تعتمد على مبحث واحد فقط ولكنها إرتكزت على ثلاث مصادر فإن (السبيل التي يتوصل بها إلى العلم بحقائق الأشياء ثلاث أولاً العيان، ثانياً الأخبار، ثالثاً النظر) ( ) وكل مصدر من هذه المصادر له ما يختص به من معارف حيث أن (حاجات الإنسان عديدة، لأنه كائن متعددالجوانب)( ) يرى ويسمع ويعقل (وهذه هي القدرة الإنسانية التي تميز الاستجابات الإنسانية من ردود الفعل الحيوانية)( )، أما المعرفة الدينية فإنها تقوم على مصدرين يقول (أصل ما يعرف به الدين وجهان أحدهما السمع والآخر العقل)( ).. أما التقليد فإنه يؤكد أنه لا يمكن الركون إليه في المعرفة الإنسانية، وتحتل المعرفة الدينية منزلة شريفة (إذ لابد أن يكون للخلق دين يلزمهم الاجتماع عليه وأصل يلزمهم الفزع إليه) ( ).
ويوضح أهمية النقل أو الخبر حيث هو المصدر الوحيد لمعرفة الغيب أما النظر والتأمل وإعمال العقل فإن التعقل ضروري للعقل نفسه، فلابد من التأمل في الأمور النافعة للإفادة منها وكذلك الأمور الضارة لدفعها والبعد عنها.
وقد اهتم الماتريدي بتوضيح الفرق بين التأويل والتفسير (فالتفسير ذو وجه واحد والتأويل ذو وجوه كثيرة) ( ).
ونستطيع أن نلمس مفهوم الوسطية في فكر الماتريدي في قضية أفعال العباد حيث اتخذ موقفاً وسطاً بين الجبرين والقدرين وحيث يثبت أن أفعال العباد مخلوقة لله ومكتسبه للخلق قائلاً (العدل هو القول بتحقيق الأمرين) ( ).
ويتجلى مفهوم الوسطية عند الماتريدية في تقسيم قدرة العبد واستطاعته إلى قسمين:
الأول: يعنى استطاعة الأسباب والأحوال ولا تقوم الأفعال إلا بها وهي من النعم التي يكرم بها الإنسان.
الثانية: هي استطاعة الأفعال وتعني فعل الاختيار وبه يكون الثواب والعقاب فهي مناط التكليف وهي ليست صفة ثابتة للعبد، وإنما يخلقها الله له في حال وقوع الفعل .. وهذا موقفاً وسطاً في الفعل الإنساني بين الخالق والمخلوق حيث آراء الماتريدي تشتمل على الوسطية.
تناولت الوسطية في الفكر العربي الإسلامي ممثلاً في إبن رشد حيث أن
وكذلك تم إظهار الوسطية في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم حيث العديد والعديد من التعاملات الوسطية المعتدلة ألم يكن أكثر دعاء النبي (اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي أخرتي التي إليها معادي، وأجعل الحياة زيادة لي في كل خير، والموت راحة لي من كل شر)( ).
أليس هذا الدعاء من النبي الكريم يحتوى مفهوم الوسطية،ثم اخترت فرقة يتسم فكرها بالوسطية والتعادل وهي الفرقة الماتريدية فنجدها في مبحث مصادر المعرفة لم تعتمد على مبحث واحد فقط ولكنها إرتكزت على ثلاث مصادر فإن (السبيل التي يتوصل بها إلى العلم بحقائق الأشياء ثلاث أولاً العيان، ثانياً الأخبار، ثالثاً النظر) ( ) وكل مصدر من هذه المصادر له ما يختص به من معارف حيث أن (حاجات الإنسان عديدة، لأنه كائن متعددالجوانب)( ) يرى ويسمع ويعقل (وهذه هي القدرة الإنسانية التي تميز الاستجابات الإنسانية من ردود الفعل الحيوانية)( )، أما المعرفة الدينية فإنها تقوم على مصدرين يقول (أصل ما يعرف به الدين وجهان أحدهما السمع والآخر العقل)( ).. أما التقليد فإنه يؤكد أنه لا يمكن الركون إليه في المعرفة الإنسانية، وتحتل المعرفة الدينية منزلة شريفة (إذ لابد أن يكون للخلق دين يلزمهم الاجتماع عليه وأصل يلزمهم الفزع إليه) ( ).
ويوضح أهمية النقل أو الخبر حيث هو المصدر الوحيد لمعرفة الغيب أما النظر والتأمل وإعمال العقل فإن التعقل ضروري للعقل نفسه، فلابد من التأمل في الأمور النافعة للإفادة منها وكذلك الأمور الضارة لدفعها والبعد عنها.
وقد اهتم الماتريدي بتوضيح الفرق بين التأويل والتفسير (فالتفسير ذو وجه واحد والتأويل ذو وجوه كثيرة) ( ).
ونستطيع أن نلمس مفهوم الوسطية في فكر الماتريدي في قضية أفعال العباد حيث اتخذ موقفاً وسطاً بين الجبرين والقدرين وحيث يثبت أن أفعال العباد مخلوقة لله ومكتسبه للخلق قائلاً (العدل هو القول بتحقيق الأمرين) ( ).
ويتجلى مفهوم الوسطية عند الماتريدية في تقسيم قدرة العبد واستطاعته إلى قسمين:
الأول: يعنى استطاعة الأسباب والأحوال ولا تقوم الأفعال إلا بها وهي من النعم التي يكرم بها الإنسان.
الثانية: هي استطاعة الأفعال وتعني فعل الاختيار وبه يكون الثواب والعقاب فهي مناط التكليف وهي ليست صفة ثابتة للعبد، وإنما يخلقها الله له في حال وقوع الفعل .. وهذا موقفاً وسطاً في الفعل الإنساني بين الخالق والمخلوق حيث آراء الماتريدي تشتمل على الوسطية.
تناولت الوسطية في الفكر العربي الإسلامي ممثلاً في إبن رشد حيث أن
Other data
| Title | الوسطية عند الماتريدية وابن رشد وأثرها في الفكر العربي المعاصر | Other Titles | Moderation at Al – Matridiand Ibn Rushed and its impact on Contemporarv Arab thought | Authors | ألفت حلمي أحمد سالم | Issue Date | 2016 |
Attached Files
| File | Size | Format | |
|---|---|---|---|
| G13891.pdf | 462.05 kB | Adobe PDF | View/Open |
Similar Items from Core Recommender Database
Items in Ain Shams Scholar are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.