العود للتعاطي : بين تأثير المخدر وتحديات الواقع الاجتماعي " دراسة ميدانية فى المجتمع الليبى "

سمير المختار السيد كريمة;

Abstract


لقد عرف الإنسان المخدرات منذ أقدم العصور، وتؤكد هذه المعرفة العديد من الآثار والكتابات التي دلت على استعمال المخدرات في عدد من المجالات منها ،على سبيل المثال لا الحصر في المجال الديني " من أجل إقامة الشعائر الدينية ،بغية رفع مستوى الأداء الجسدي وإعطائه قوى إضافية تجعل ،من الناظر إليه يعتقد أنه متصل بقوة أعلى من قدرة البشر، لممارسة أفعال التهليل والمديح والتمتمة والقيام بحركات غير طبيعية ،لإقناع الجمهور بأنه يتحرك بإرادة غير بشرية " ، كما " كانت المخدرات تستعمل في الطب التقليدي القديم كمسكن للألم " .
وقد سايرت المخدرات التطور الحاصل في ميدان العلوم التطبيقية ،خاصة منها العلوم الطبية وعلم الكيمياء، حيث تم إنتاج العديد من المستحضرات ،التي تمتاز بالقوة والنقاء والتركيز ، وبناء على ذلك تم إنتاج العديد من المخدرات خلال القرن الماضي ،حيث تم إنتاج مخدر الهيروين والكوكايين والتي اعتبرت في بادئ الأمر إنجازاً علمياً عظيماً، وبمرور الزمن تم اكتشاف الآثار الجانبية السلبية لهذه المستحضرات على مختلف أعضاء الجسم ، مما أدى إلى تحول خطير في الفكر البشري فأُسيء استعمال هذه الاكتشافات، وحولت للاستعمال بقصد المتعة أو للهروب من المشكلات التي تواجه الإنسان ، الأمر الذي انعكس سلباً على الفرد والمجتمع.
ونتيجة لما تشكله المخدرات من مخاطر جمة على الإنسان ، بما تسلبهمن نعمة العقل التي ميزه بها الله سبحانه وتعالى عن سائر المخلوقات ، لكونها تعطل القدرات البشرية ، كالتفكير والإدراك والإحساس والتنبيه والربط والتحليل والاستنتاج والاتصال والتواصل، بين أفراد المجتمع ، وكونها تعيق عمل مراكز الإحساس كالنظر والسمع والشم ، مما يجعل من جسم الإنسان جسداًبلا عقل، دائم السعي لإشباع حاجته المتزايدة من المخدرات، وأيضاً عدم القدرة على الوفاء بواجباته وحاجاته الطبيعية ، سواء المادية أو المعنوية ، كالأكل والنوم والجنس والعمل ، والوفاء بواجباته الاجتماعية مع الأسرة والمجتمع ،مّما يترتب عليه من تحطيم إرادته وعدم قدرته على اتخاذ القرارات الصحيحة، لوجود حاجز يعيق تدفق المعلومات بشكل سليم ، مما يترتب عليه جملة من القرارات الخاطئة ،"وتعتبر مشكلة المخدرات واحدة من أكبر الآفات الاجتماعية وأخطرها على الأفراد والمجتمعات من النواحي الصحية والمعنوية والمادية".
وبما أن المجتمع يتكون من مجموعة أفراد ، وأن المخدرات تستهدف الفرد أولاً ثم تستهدف المجتمع بأسره من خلال نشر ثقافة خاصة بالمخدرات ، اضطرت المجتمعات الإنسانية إلى إصدار العديد من القوانين التي تحرم استخدامها . ولعل أولى الدول التي حرمت المخدرات هي "الصين حيث أصدرت سنة 1838 قانوناً يجرم استخدام المخدرات وتجارتها ، مما سبب حرباًبين الصين وبريطانيا سميت بحرب الأفيون والتي كسبتها بريطانيا وأعادت المخدرات إلى الصين" .
ونتيجة لتزايد خطورة هذه الظاهرة وانتشارها على المستوى العالمي ، وتعدد الأصناف والأنواع المنتجة منها،فقدترتب على المجتمعات الإنسانية مسئولية محاربتها ،وإصدار التشريعات والقوانين الكفيلة بمنع انتشارها، بغية الحد من خطورتها على الفرد والأسرة والمجتمع ، حيث أجمعت الدول والحكومات على ضرورة إصدار تشريعات تنظم استعمال المخدرات، ولعل أبرز هذه الاتفاقيات " اتفاقية الأمم المتحدة الموقعة عام 1961 م، واتفاقية الأمم المتحدة للمؤثرات العقلية الصادرة عام 1973 م ، والبروتوكول المعدل لها الصادر عام 1984 م ، الذي وقعت جميع دول العالم ، بما يعطي مؤشراً على مدى خطورة انتشار المخدرات في العالم " .
إن ليبيا كغيرها من دول العالم، لم تكن بمعزل عن الإصابة بهذا الوباء الذي حير العالم ، وإن كان تعاطي المخدرات في ليبيا يعتبر حديث العهد ،مقارنة بباقي دول العالم ، ولكن بعد التغير الحاصل إثر ظهور النفط، وما ترتب عليه من توافد للعمالة الأجنبية ،التي أتت بثقافاتها المختلفة وخاصة أن منها من يعتبر أن تعاطي المخدرات والمشروبات الكحولية أمر طبيعي ، أضف إلى ذلك سفر العديد من المواطنين الليبيين إلى الخارج، بدافع الدراسة أو العلاج أو العمل أو السياحة ،وتواجد بعض منهم في بيئات تعاطي وإدمان المخدرات ،خاصة أن عددا كبيرا منهم ، حديثو السن وابتعادهم عن دائرة الرقابة الأسرية ،أكسبهم خبرات تلك البيئات السلبية التي نقلوها إلى مجتمعهم بعدئذ .
ومن المؤكد أن حقبة السبعينيات من القرن الماضي لوحظأن هناك تعاطيًاللمخدرات في المجتمع الليبي وخاصة مخدر الحشيش ، كما أنه بالانفتاح على المجتمعات المجاورة و البعيدة دخلت أنواع المخدرات الأخرى التي لم تكن موجودة آنذاك ، كالهيروين والأقراص المهلوسة بأنواعها .
"وتكمن خطورة العود لتعاطي المخدرات والإدمان عليها، بأنها استمرار في إصابة الطاقة البشرية الموجودة في أي مجتمع بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، وبصفة خاصة في جزء هام من الموارد البشرية وهم الشباب من الجنسين ، وبذلك تصيب جزءا لا يقدر بثمن من تلك الطاقة البشرية ، الموجودة في أي مجتمع مهما اختلفت درجة التحضر ، وتؤثر هذه الظاهرة على إهدار الموارد الطبيعية والبشرية، ما يعرقل الجهود خاصة بالتقدم الاجتماعي والتنمية في المجتمع عامة".
وقد قسم البحث إلىعشرة فصول ، تناول الفصلالأولالإطار العام للبحث .واشتمل علىموضوع البحث ، وأهمية البحث ومبرراته ، وأهدافه والتساؤلات التي يسعى البحث للإجابة عنها ، والمفاهيم الأساسية في البحث . أما الفصل الثاني ، تناول عرضا لنماذج من الدراسات السابقة التي اهتمت بموضوع البحث . أما الفصل الثالث ، فقد تناول المدخل النظري والمفاهيمي للبحث أما الفصل الرابع ، تناول موضوع المخدرات . أما الفصل الخامس تناول فيه الإجراءات المنهجية .و تناول الفصل السادس الخصائص الاجتماعية والاقتصادية للعائدين للتعاطي المخدرات ، والفصل السابع :الخلفية الاجتماعية والاقتصادية لأسر العائدين لتعاطي المخدرات ، والفصل الثامن تناول فيهأولا : حجم ظاهرة العود للتعاطي المخدرات ونوع المواد الإدمانية الأكثر عودة للتعاطي ، ثانيا : العوامل المؤثرة في حدوث العود للإدمان المخدرات ، والفصل التاسع ، ظروف العود لتعاطي المخدرات ، والفصل العاشر ، عرض وتفسير النتائج ، وملخص البحث والتوصيات .


Other data

Title العود للتعاطي : بين تأثير المخدر وتحديات الواقع الاجتماعي " دراسة ميدانية فى المجتمع الليبى "
Authors سمير المختار السيد كريمة
Issue Date 2016

Attached Files

File SizeFormat
G13485.pdf692.94 kBAdobe PDFView/Open
Recommend this item

Similar Items from Core Recommender Database

Google ScholarTM

Check

views 2 in Shams Scholar
downloads 1 in Shams Scholar


Items in Ain Shams Scholar are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.