ضمانات المتهم أمام القضاء العسكري دراسة تحليلية تأصيلية مقارنة

Abstract

إن الجيوش في حياة الأمم هي سندها ومصدر أمنها والسياج الذي يحميها في حربها وسلمها، ومنذ عصور ما قبل التاريخ والإنسان المصري يتخذ كل الوسائل للدفاع عن نفسه، ومنذ بدء تنظيم المجتمعات عرفت البشرية فكرة إيجاد قوات مسلحة للدولة تحمي الأمن وتحقق السلام، ولقد أدركت مصر منذ فجر التاريخ أهمية القوة العسكرية لحماية البلاد، فتم إنشاء جيش قوى لتكوين إمبراطورية عظيمة امتدت من نهر الفرات شرقاً إلى الشلال الرابع على نهر النيل جنوباً، وأصبحت مصر قوة عظمى، وصارت بذلك إمبراطورية عظيمة مترامية الأطراف وأقدم إمبراطورية في التاريخ. ويعد الجيش المصري قديم قدم الدولة المصرية والتي تضرب بجذورها العريقة إلى أبعد من التاريخ المسجل. وإذا كان كل مجتمع يحتاج إلى قواعد وأعراف تنظم العلاقة بين أفراده، بما يتلاءم مع ظروف واحتياجات هذا المجتمع، ولحماية مصالحه الأساسية لتأمين بقائه واستمراره . فإن الجيش باعتباره مؤسسة عسكرية، لها ظروف ومصالح وطبيعة خاصة، مستمدة من الوظيفة المنوطة بالجيش وقواته المسلحة، فإنه يختلف عن بقية مؤسسات المجتمع، مما يتطلب أن يكون له نظام خاص، ذلك النظام الذي يفرض التزامات وواجبات ثقيلة، وتحمل مخاطر وتضحيات مضنية، وهذا النظام يشمل كافة جوانب الحياة العسكرية، من نظام وتدريب وجزاء، كي يتسنى لها تأدية الدور الهام المنوط به على أكمل وجه، وهو الحفاظ على أمن وسلامة واستقلال واستقرار البلاد. وإذا ما نظرنا إلى تاريخ الجيوش لوجدنا أن هذه الجيوش تقوم أساساً على النظام والانضباط والطاعة، وأي خروج عن ذلك سيهدد نظام الجيش وكيانه بالانحلال والانهيار. من هنا تأتي أهمية استقلال القوات المسلحة بنظام وقانون خاص، سواء فيما يتعلق بنظام الخدمة فيها، أو فيما يتعلق بالتجريم والعقاب، لما لهذه الأنظمة والقوانين من صفات وأهداف تختلف عن كافة الأنظمة والقوانين الأخرى المعمول بها في الدولة.