العـلاقات بين المسلمين واليهود في العـصر النبـوي في ضـوء الكـتابات العـبرية للمسـتشـرقين اليهود دراسـة تحليلية نقدية

Abstract

تتناول هذه الدراسة بصفة عامة طبيعة العلاقات بين المسلمين ويهود منطقة «الحجاز» خلال عصر النبي محمد ()، وتركز بشكل خاص على العلاقات بين المسلمين ويهود «المدينة المنورة» («يثرب» قبل ظهور الإسلام)، وذلك من خلال ما ورد في الكـتابات العـبرية لمجموعة من المسـتشـرقين اليهود المهتمين بالدراسات العربية الإسلامية، والباحثين اليهود المهتمين بتاريخ يهود «الحجاز».

وقد مرت العلاقات بين الطرفين بثلاثة أطوار متمايزة:

أولها: «طور الموادعة والمهادنة»، وفي خلال هذا الطور عاش الطرفان معًا في حالة من السلم السياسي والاجتماعي، حيث عقدت بين الطرفين مجموعة من المعاهدات، من أهمها تلك المعاهدة المعروفة في التاريخ الإسلامي باسم «صحيفة المدينة»، وفي خلال هذا الطور ربطت بين الطرفين مجموعة من المعاملات الاقتصادية.

ثانيها: «طور توتر العلاقات»، وفي خلال هذا الطور أحس يهود «المدينة» بأن الإسلام يمثل خطرًا عليهم من الناحية الاقتصادية والسياسية والدينية، فقد كان بعض المهاجرين الجدد القادمين من مكة تجارًا يمتلكون القدرة على منافسة اليهود في مجال التجارة، وقد حارب الإسلام المعاملات الربوية التي كانت تُدِرُّ أرباحًا كبيرة على اليهود، علاوة على ذلك فإن دخول عدد كبير من أهل «المدينة» من قبيلتي «الأوس» و«الخزرج» في الإسلام قد تسبب في تقويض التحالفات السياسية التي كانت بين عرب «المدينة» ويهودها قبل الإسلام، فضلًا عن خوف اليهود من اجتذاب الإسلام لعدد كبير منهم إليه، واستيائهم من الانتقادات التي وردت في بعض النصوص القرآنية لكثير من سلوكيات «بني إسرائيل» وكثير من سلوكيات أحبار اليهود، الذين وجهت لهم اتهامات بتحريف نصوص الكتب المقدسة اليهودية. ونتيجة لهذا الشعور بالخطر بدأ اليهود في ممارسة سلوكيات عدائية تجاه شخص النبي محمد () نفسه وتجاه بعض المسلمين، أدت إلى توتر العلاقات بين الطرفين.

ثالثها: «طور المواجهات المسلحة»، وفي خلال هذا الطور حدثت بعض المواجات المسلحة بين المسلمين ويهود «الحجاز»، من أهمها تلك المواجهات مع بعض القبائل اليهودية بـ«المدينة»: «بني قينقاع» و«بني النضير» و«بني قريظة»، والمواجهات مع يهود مدن «خيبر» و«فدك» و«تيماء» و«وادي القرى». وقد انتهت جميع تلك المواجهات بتغلب المسلمين.