حق الإنسان في بيئة نظيفة بين نظم القانون الدولي والقانون الداخلي (دراسة مقارنة)

Abstract

شهد العقدان الماضيان تسارعا شديدا لقضيتين مهمتين فرضتا نفسيهما وأخذتا مكانا مرموقا في الساحة الدولية والوطنية وتصدرتا أولويات جداول الأعمال في المحافل واللقاءات العالمية ألا وهما قضية حقوق الإنسان وقضية حماية البيئة . حيث تعتمد جميع حقوق الإنسان على البيئة التي نعيش فيها ، كما ان حقوق الإنسان لا تترتب فقط بالنظر إلى الإنسان كشخص ، بل أيضا من خلال علاقته بالمحيط والمجتمع الذي يعيش فيه و إذا كان الاهتمام قد انصب عقب الحرب العالمية الثانية على الحقوق المدنية والسياسية ، ثم على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وهذا ما يظهر من خلال الميثاق الدولي لحقوق الإنسان المكون من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر سنة 1972 والعهدين الدوليين ، فالانشغال الحالي منصب على الجيل الثالث من حقوق الإنسان المعروفة بالحقوق الجماعية والتي من أهمها حق الإنسان في البيئة النظيفة . حيث يعتبر حق الإنسان في البيئة من الحقوق المستحدثة ، إذ يعود الفضل في الاعتراف به للتداخل بين قضايا البيئة وحقوق الإنسان وحرياته العامة وإدراكه لدرجة الأخطار التي شاهدتها البيئة التي يعيش فيها كالقضاء على الغطاء النباتي ، تجريف التربة ، تلويث المياه والهواء ، وبدون أي شك فالمتسبب في هذا التلوث الذي يهدد البيئة هو استعمال الإنسان اللاعقلاني لموارد الطاقة والتصنيع ، وتدمير الغطاء النباتي بالاستعمال العشوائي للمبيدات والصيد الجائر ، وقد تعقد الأمر وأصبح مع التقدم العلمي والتكنولوجي في جميع جوانب الحياة يؤثر تأثيرا سلبيا على البيئة ، لذلك كان من الضروري حماية هذه الموارد كونها تمثل إرثا للأجيال وتراثا طبيعيا وتاريخيا للدول. ولم يخرج الحق في البيئة النظيفة عن القاعدة التي خضعت لها أغلب حقوق الإنسان في النصوص الوضعية ، بعد ما مرت أغلبها بمرحلة الإعلان ، و انتهت إلى مرحلة التجسيد والتكريس من خلال إقرار آليات قانونية واضحة ، جرى نفس الأمر بالنسبة لحق الإنسان في البيئة النظيفة ، فبعدما كان هذا الأخير يتعلق بمجرد نقاش نظري وفقهي حول طابعه التصريحي ، والذي صاحبه الكثير من التشكيك ، انتقل الحق في البيئة في القانون الدولي والتشريع المصري إلى مرحلة التجسيد . ففي بداية السبعينات بدأ الاهتمام العالمي بالبيئة ، وذلك بسبب ازدياد عدد الكوارث البيئية