دور الأيدولوجيا السياسية للدول في بناء الأطر الإخبارية لقضايا الشأن المصري في القنوات الأجنبية الموجهة باللغة العربية

Abstract

في ظل الصراع السياسي وتعاظم المواقف السياسية بين البلدان على الساحة الدولية، تتجه القوى الحاكمة إلى الدفاع عن أمنها القومي وسيادتها، ليس فقط من خلال التدابير العسكرية والأمنية، إنما من خلال اعتمادها على أساليب القوة الناعمة -والتي من أهمها وسائل الإعلام- في نشر ثقافتها ومفاهيمها. وبناء عليه، اتجهت العديد من الدول في العِقد الأخير إلى امتلاك قنوات فضائية تعمل كمنبر تخاطب به الشعوب المختلفة، خاصة شعوب الوطن العربي وبلغتهم الأم اللغة العربية، في محاولة للتقرب منهم ولتوضيح مواقفها حيال القضايا المختلفة، ونقل أفكارها ونشر قيمها وتراثها لتلك الدول، مستفيدة بذلك من التطور التكنولوجي والفضائي في مجال الاتصال. ونتيجة لذلك نجد أن العديد من القنوات الأجنبية الموجهة التي تمتلكها وتمولها دول معينة لا تخلو مضامينها من شبهة التحيز وعدم الحياد بسبب اتجاه تلك القنوات لدعم مواقف وسياسات هذه الدول تجاه قضايا وبلدان معينة، مما أدى إلى الانحراف عن المعايير الإخبارية الصحيحة والمصداقية في نقل الخبر. وقد تزايد عدد القنوات الإخبارية الموجهة للدول العربية والتي تستهدف عرض الأخبار والقضايا من وجهة نظر مموليها مثل: "قناة الحرة، قناة بي بي سي العربية BBC، قناة دوتشيه فيلله الألمانية DW، قناة فرنسا 24، قناة سي إن إن CNN، قناة تي أر تي التركية TRT، قناة روسيا اليوم، وغيرها"، فازداد الصراع على عقل المشاهد بين تلك القنوات، بالإضافة إلى أنها استطاعت جذب عدد كبير من المشاهدين في الوطن العربي واستطاعت منافسة غيرها من وسائل الإعلام التي ظل يعتمد عليها المُشاهد لسنوات طويلة، فأصبح المُشاهد مُنفتحًا على جميع القنوات وليس فقط على بعض القنوات كما كان سابقًا، بل أصبح لديه القدرة على اختيار القنوات ومتابعتها ولكن دون العلم بأيديولوجيتها ولا مصدر تمويلها. ولهذا ازدادت أهمية تلك القنوات بالنسبة للدول الكبرى ذات المصالح المتعددة في الوطن العربي، فتتخذ تلك الدول القنوات الإخبارية الموجهة كوسيلة من وسائل السياسة الخارجية لتحقيق مصالحها وأهدافها من خلال الغزو الثقافي والفكري للمُشاهد. ولهذا أصبحت الحلول العسكرية لا تأتي في المرتبة الأولى على لائحة الاختيارات التي يضعها القادة والأنظمة المختلفة كما كان الحال سابقًا، ولكن الآن في ظل هذا التطور التكنولوجي للأقمار الصناعية ووسائل الاتصال المختلفة، أصبحت دول العالم تؤول قدرًا عاليًا من الأهمية إلى الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام كأداة قد تُستخدم في الحرب، وتُستخدم في السِلم لبث أفكار ومفاهيم معينة تضمن المنفعة لمن يقوم بذلك، خاصة أن الممول الرئيسي لها هو الحكومات كما أُشير إليه من قبل. وفي المقابل نرى محدودية القنوات العربية الموجهة إلى الجمهور الأجنبي بلغته وعدم فاعلية دورها بالمقارنة بعدد القنوات الأجنبية الموجهة بالعربية للمًشاهد العربي، والتي من المفترض أن تعمل على عرض وجهة النظر العربية تجاه القضايا الدولية والعربية المختلفة، بالإضافة إلى محاولة تصحيح صورة العرب والمسلمين الخاطئة الموجودة بالفعل لدى العالم الغربي، والعمل على مد جسور التواصل الفكري والثقافي وخلق حوار فعال معهم. وبناء على ما تقدم يأتي دور الدراسات الإعلامية لتوضيح التغيرات المستحدثة على العملية الاتصالية، والأساليب التي تستخدمها الدول في تحقيق غايتها وأهدافها الاستراتيجية، بالإضافة إلى معرفة كيفية مواكبة التطور التكنولوجي في مجال الإعلام. وهذا ما تسعى هذه الدراسة إلى القيام به.