شِعرُ آﭭوت يِشُورُون دراسة تحليليّة للمضامين الفكريَّة

أحمد محمود محمد شمس الدين;

Abstract


تناولت هذه الدراسة شاعرًا من أبرز شعراء العبريّة في العصر الحديث، وهو الشاعر "آڤوت يشورون" من خلال بحث المضامين الفكريّة التي عالجتها أشعارُه، بالإضافة إلى تناول أهم الملامح والسمات الفنية التي يتسم بها شعره، وقد تبين من خلال الدراسة النتائج التالية:
أولًا: من ناحية المضامين الفكرية:
 من خلال دراسة السيرة الذاتية الخاصّة بالشاعر، يتجلَّى أثر الشُّوآه وفقدانه لأسرته في هذه الأحداث في مسيرته الشعريّة، حتى صار فقدان الأسرة هو الحدث المحوريّ الذي ظلّ يؤثر في شعر يشورون حتى وفاته، وتجسّد التأثير في ذلك الشعور المتواصل لدى الشاعر بذنب البقاء حيًا بعد رحيل أسرته، وفي الشعور بالحنين إلى موطنه الأصليّ في بولندا منذ هجرته إلى فلسطين وحتى وفاته.
 غلبت النزعة الفرديَّة على توجُّهات يشورون الفكريّة، فلم يكن الشاعر ينتمي إلى أي تيار من التيارات الصهيونية المعروفة، واتسمت رؤيته الشعريَّة بـ "الانطباعيّة" التي تركت المساحة للجانب الذاتيّ ليظهر بصورةٍ أكبر. ولهذا، فقد اتخذ شعر يشورون مسارًا مختلفًا عن سائر أبناء جيله، الذين ساروا في ركاب الأدب الموجَّه الذي يُنصِت لفكرة الجماعيّة التي تسود الخطاب الأدبيّ العبري في العصر الحديث.
 على الرغم من تلك الانطباعية والنزعة الفرديَّة اللتيْن تُميِّزان رؤية الشاعر، فإنَّ الأيديولوجية الصهيونية قد مثّلت بالنسبة له رافدًا أساسيًا. كما أنه سعى في الكثير من قصائده سعيًا زائفًا نحو إرساء مفهوم جديد لليهودية يكون منطلقه الأساسيّ مُنطلقًا إنسانيًّا/ أخلاقيًّا، ويقوم على التعايُش مع الشعب الآخر الذي يشاركه الأرض. الأمر الذي لم يلقَ استحسانًا لدى الكثير من نقاد وشعراء عصره.
 في قصائده عن النكبة الفلسطينيَّة، سبق يشورون المؤرخين الجدد، الذين ظهروا في السبعينيات من القرن العشرين، من خلال تسجيل شهاداته عن المذابح وعمليات طرد الفلسطينيين من أراضيهم، وهدم قراهم وتخريبها، خلال حرب 1948م وما بعدها، في ظل التجاهل الإسرائيلي المتعمّد للنكبة الفلسطينية؛ فكان هذا السبْق من قبل يشورون من أهم العوامل التي أسفرت عن تجاهُل كتاباته الشعريّة حتى السبعينيات من القرن العشرين، أضف إلى ذلك عواملَ أخرى، بالطبع، تتعلَّق بغُمُوض أسلوبه الشعريّ وخلطه المتعمّد بين اللغات: العبرية والعربية والييديش واللادينو، ولغات أخرى.
 على الرغم من موقف يشورون الإنسانيّ تجاه النكبة الفلسطينيّة، فإنَّ موقفه جاء غالبًا نابعًا من الإيمان بتشابُه المصيريْن اليهوديّ والفلسطينيّ والتماثُل بين الشُّوآه والنكبة الفلسطينية؛ فهو لا يرى النكبة الفلسطينية ولا يشعُر بمعاناة الشعب الفلسطينيّ إلا من منظور اليهوديّ الذي مرّ بكارثة إنسانية مماثلة، وهي الشُّوآه، ومن هنا يجب على المجتمع الإسرائيليّ، في رأيه، أن يعتبر النكبة الفلسطينية والشُّوآه بمثابة الكارثة الواحدة للمجتمع الإسرائيليّ. وبذلك استثمر الشاعر تلك النقطة في محاولة ترسيخ مبدأ التعايُش بين الطرفين على أرض فلسطين، وهي الرؤية التي تُلخصها جملته المذكورة في الدراسة "أفسحوا قليلًا كي نعيش ولا نموت".
 تمثّل قصائد يشورون، بصورةٍ عامة تمرُّدًا واضحًا على أحد مبادىء الحركة الصهيونية، وهو مبدأ "رفض الشتات"، فإذا كانت الصهيونيَّة قد حاولت خلق "اليهوديّ الجديد" عبرَ رفض الخصائص السلبية ليهود الشتات، المتمثّلة في الطفيليَّة والعيش على هامش المجتمعات الأورُبية ورفض الييديش باعتبارها لغة اليهود في "الشتات"، فإنَّ يشورون كان دائمًا ما يدعو إلى العودة للقيم الإنسانية المتمثلة في يهود بولندا، واقترض في قصائده الكثير من ألفاظ لغة الييديش ولغة اللادينو، لغات "الشتات".
 اتسمت قصائد يشورون بالطابع التنبؤي الذي يتنبَّأ بما ينتظر المجتمع من مشكلات وكيفية التغلب عليها، وقد كان مشروع "تجفيف بحيرة الحولة"، أبرز الأمثلة على هذا الطابع في شعر يشورون؛ فقد حذّر الشاعر من خطورة هذا المشروع في وقتٍ شارك فيه الشعر العبريّ بشكلٍ فعّال في عملية التجاهُل الإسرائيليّ لخطورة المشروع، فلم تنعكس آثار المشروع وتبعاته سوى في قصائد يشورون، فكان هو الوحيد من أبناء جيله من الشعراء الذي أشار إلى خطورة المشروع، وكانت رؤيته استشرافيّة توقعت أضرار المشروع، ولكن المجتمع والقيادة الإسرائيليّة لم تنتبه إلى هذه الأضرار إلا بعد فوات الأوان.
 شكّلت الحروب الإسرائيليّة العربيّة محورًا مركزيًا بين المحاور التي دارت حولها المضامين الفكرية في أشعار يشورون، وكشف تناول الشاعر لهذا المحور، على وجه التحديد، عن رؤية الشاعر التي لا تبتعد كثيرًا عن الخطاب الصهيونيّ، إلا أنَّ الفارق يتمثّل في ارتدائِها رداءً إنسانيًا زائفًا؛ ممَّا يُفسِّر عودته إلى دائرة الضوء في الخطاب النقديّ الإسرائيليّ منذ سبعينيات القرن العشرين، فقد شهد ذلك الوقت تحوُّلًا كبيرًا في مواقف الشاعر تجاه المعاناة الفلسطينيّة، وهو التحوُّل الذي وصل إلى درجة رفضه أن تُجاور قصائده قصائد لشعراء آخرين تحت مُسمى "مختارات شعرية" تتحدّث عن رفض الاحتلال الإسرائيليّ، على الأخص بعد حرب لبنان عام 1982م، التي لم يتركّز شعره وقتها في رفض الغزو الإسرائيليّ للبنان بقدر تركيزه على رفض ظاهرة التهرب أو رفض الخدمة العسكريّة من جانب ضُباط الجيش الإسرائيليّ.
 في حين اتجه الأدب العبريّ في مرحلة حرب يونيو 1967م إلى المسار اليوتوبيّ الحالم بأرض إسرائيل الكاملة، كان يشورون يُحذِّر من نزعة الاستعلاء والعنف الموجَّه للعرب.
 كانت حرب أكتوبر 1973م بمثابة الصدمة بالنسبة للشاعر، وعبّر عن هذه الصدمة من خلال قصائده في تلك المرحلة، التي أحدثت صدعًا في نفس الشاعر وفي نفوس المجتمع الإسرائيليّ ككل.


Other data

Title شِعرُ آﭭوت يِشُورُون دراسة تحليليّة للمضامين الفكريَّة
Other Titles Avoth Yeshurun’s Poetry An Analytical Study of Intellectual Contents
Authors أحمد محمود محمد شمس الدين
Issue Date 2020

Attached Files

File SizeFormat
BB3459.pdf1.64 MBAdobe PDFView/Open
Recommend this item

Similar Items from Core Recommender Database

Google ScholarTM

Check

views 2 in Shams Scholar


Items in Ain Shams Scholar are protected by copyright, with all rights reserved, unless otherwise indicated.